'داعش' يستهدف تثبيت حكم العسكر في مصر!.. برأي فهيد البصيري

زاوية الكتاب

كتب 583 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  تحالف 'داعش' الدولي!

د. فهيد البصيري

 

غريب أمر تنظيم «داعش» فمع أن العالم كله يحاربه في العراق وسورية إلا أنه وصل إلى ليبيا!

وصحيح أن الفكر ينتقل بسهولة، ومن الممكن أن يعبر القارات بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة، ولكن أن ينتقل تنظيم «داعش»، بفكره، وفنه، وآلاته التصويرية وملابسه البرتقالية، وسكاكينه، دفعة واحدة إلى قارة أخرى فهذا غير معقول! ولا يمكن أن يحدث إلا إذا كان المنتج والمخرج لهذا التنظيم جهة خارجية واحدة أو جهات متحالفة عدة.

وبالطبع هذا لا يعني أننا كمسلمين وعرب بريؤون من دعمه، بل نحن جنوده ووقوده، وفي الأخير حطبه وحطامه، فالتنظيم يستغل العقلية العربية، والفلسفة الإسلامية لتحقيق أهدافه، ويكفي أن يرفع شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى ترانا نهرول خلفه دون وعي أو ضمير كالمسحورين، ولا يهم التفاصيل، المهم أن هناك خليفة للمسلمين وراية سوداء وسكينة حامية، ومن المفارقات العجيبة أن هذا التنظيم الكافر يعيش على المتناقضات، ولكن أكثرنا لا يفقهون، فهو يحرم الصور ويمارس التصوير، ويحرم التمثيل ولكنه يمثل ويمثل بجثث ضحاياه، ويجرم كل أنواع الفنون، ولكنه ينافس هوليوود في التصوير السينمائي، ويرجم الزاني، وفي المقابل ينشئ سوقا للنخاسة لممارسة البغاء، ويعاقب الناس على شرب الخمر وهو يدمن المخدرات.

وما يقتلني أن هناك من يعتقد أن هذا التنظيم إسلامي ولكنه اجتهد وأخطأ! حتى وصل بهم الأمر إلى البحث عن تبرير لمجازره، والسؤال عن: هل من الأفضل في السنة، حرق المسلم أم نحره؟!

والأكيد من الشواهد السابقة أن هذا التنظيم ليس إسلاميا وليس له علاقة بالمسلمين (على علاتهم)، ومن يرى قوته، وتنظيمه، وسرعة انتشاره، يجزم بأن من يقف وراءه هم أطراف خارجية، وعربية متعددة، وصحيح أن جذور هذا التنظيم إسلامية، ويعد امتدادا للقاعدة، ولكنه كسر القاعدة، واستطاعت تلك الأطراف تدجينه واستئناسه، بعد أن أعطت المسلمين على هواهم وعلى هوى تراثهم، فقدمت لهم راية سوداء وخليفة للمسلمين وكلها بالطبع موجودة في كتب التراث، ثم فتحت لهم جبهات الجهاد، وزودتهم بالأسلحة المتطورة حتى صاروا أداة مثالية وفتاكة لتحقيق أهدافها.

وللأمانة ليس من السهل تحديد الجهات الخارجية التي تقف وراءه بدقة، والسبب كثرتهم، لأننا أمام عمل استخباراتي عالمي متطور، ولكننا نستطيع أن نقترب منهم من خلال الأهداف التي تم تحقيقها ومن المستفيد منها.

والأهداف بعضها تحقق وبعضها في الطريق لتتحقق، ومن الأهداف التي تحققت، إفشال «الربيع العربي»، وإرجاعه إلى مربع الصفر، إما من خلال العودة لحكم العسكر، وإما بعث فكرة الخلافة الإسلامية، أو المحافظة على بعض الأنظمة الديكتاتورية الموجودة، وبالفعل قامت «داعش» بدور كبير لتحقيق هذه الأهداف، فهي سبب رئيسي في إفشال الثورة الشعبية في سورية، كما أفشلت ثورة العشائر العراقية ضد الهيمنة الشيعية، ومن الأهداف أيضا خلق واقع جديد وتقسيم جديد للمنطقة، وبالفعل، العراق تم تقسيمه، وسورية تحولت إلى دويلات.

أما الأهداف المستقبلية فالأمور تسير نحو الآتي: تثبيت حكم العسكر في مصر. وإشغال مصر في حرب استنزاف طويلة مع ليبيا، ومن ثم تقسيم ليبيا، والله أعلم بما ينتظر الخليج، لأن هذا التنظيم ينتقل كالفيروسات في الهواء ومن قارة إلى قارة، ولم نعد نعلم هل التحالف الدولي الذي يقاتل «داعش» معنا أو معه؟!

الآن وقد عرفنا الأهداف التي تحققت، يمكننا معرفة من المشاركين في تحالف داعش الدولي، وهم بالتأكيد المستفيدون من الأهداف السابقة، وعلى رأسهم إسرائيل، وبعض أنظمة الربيع العربي، والدول المتورطة معهم في الصراع، وكل من له مصلحة من الدول الغربية في تقسيم المنطقة، أما الخاسرون فهم العرب والمسلمون أنفسهم.

وخلاصة القول فإن العالم من الممكن أن يتحالف معك ومن الممكن أن يتحالف عليك، ولكنه سيقف عاجزا عن العبث بنا، متى ما تجاوز الإنسان العربي، مرحلة التفكير في الدولة الدينية، وآمن بالدولة المدنية، ونزه الدين عن خبث السياسة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك