لم يعد للسر قدسية في عالم اليوم!.. هكذا يعتقد ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 460 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  السر السياسي المفضوح

ناصر المطيري

 

الناس غالبا لديهم فضول في معرفة كل ما وراء الستار، ويهتمون بتفاصيل الخصوصيات والتسريبات الصادرة من مجالس الكبار ، وتجد الناس تتابع بشغف واهتمام الفضائح السياسية وكل ما يتعلق بالشخصيات الكبيرة والشهيرة، ومما زاد من هذا النهم الجماهيري في تتبع أسرار الكبار والمشاهير هو شيوع وسائل الاتصال وتقنيات التواصل والوسائط المتعددة في نقل الصوت والصورة.
في عالم اليوم أصبحت الأسرار مكشوفة والخفايا معروفة ولم تعد للسر قدسيته لاسيما اذا ارتبط برجل دولة أو حكومة، فكم من الحوارات انكشفت وكم من الكتب السرية تسربت وكم من الأفعال افتضحت وكم تسبب ذلك الهتك للأسرار بسقوط رجال ونساء كانوا في صدارة المجتمعات رفعوا شعارات الفضيلة ولكنهم مالبثوا أن أسقطهم انكشاف سر الرذيلة.
القيم الأخلاقية سواء منها الإنسانية أو الإسلامية تحث على عدم افشاء السر وحفظ أمانته ، وفي قيمنا الأخلاقية نردد دائما مقولة (المجالس أمانات) ، ولكن هذه القيمة فقدت تطبيقها العملي بيننا اليوم في عالم الشفافية و«الفضاء المفضوح».
الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل قال في أحد خطاباته التاريخية «لمجالس الكبار أسرار» منتقدا تصريحات أحد الزعماء العرب بعد إحدى القمم العربية بعد أن كشف بعض مداولاتها السرية ، لأن أسرار المجالس هي الضامن الوحيد لتنفيذ أي خطة، أما إذا أصبحت لدى الجميع فقد فقدت عذريتها ولم يعد لها معنى، ولأن الحسن الثاني رجل دولة كان يعرف معنى أن يكون لمجالس الكبار أسرار، وإذا فقد الشخص صبغة كتم الأسرار فقد صفة رجل الدولة. وفي التاريخ عبر وحكم مثل آيات الله البينات الواضحات، رجال دولة مهمون لم ينطقوا ببنت شفة إلا بعد أن يصبح الوقت مناسبا، ومن كتب مذكرته التي كتبها بعد حين وبعد ان فقدت المعلومة 
أي تأثير على سياسة الدولة، ومنهم رموز خرجوا للمعارضة وواجهوا النظام والقمع لكن صفة رجل الدولة منعتهم من البوح بأسرار مجالس الكبار.
في عالم اليوم أصبح السر السياسي أداة يستخدمها الخصوم ضد بعضهم وسلاحاً يلوح به المعارضون للحكومات ، وتستخدمه بعض الحكومات ضد رموز المعارضة ممن وقعوا في مكائد الفتن والنزوات ..
الاستخدام السياسي للأسرار والخصوصيات أمر تأباه النفوس الشريفة ، وترفضه أخلاقيات الرجال وليس من شرف الخصومة.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك