وزارة الأوقاف ما عاد لها لزوم!.. بنظر حسن كرم
زاوية الكتابكتب مارس 8, 2015, 1:02 ص 551 مشاهدات 0
الوطن
أمام الصانع مشوار طويل!
حسن علي كرم
اذا صح ان وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، عضو مجلس الأمة المحامي يعقوب الصانع يواصل ما بدأه وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ابان توليه مسؤولية وزارة الأوقاف بالانابة من العملية الاصلاحية فذلك لا يعني ان العملية قد أضحت ناجزة، ذلك باعتقادي ان الاصلاح في هذه الوزارة التي كانت بعيدة عن عيون الرقباء ومحصنة من اي نقد او انتقاد برلماني او اعلامي او شعبي كانت بمثابة حصن حصين وحقلاً يقتات من خيراته القابعون بداخله وكأنها اقطاعية خاصة وجدت لهم لا انها وزارة من وزرات الدولة تخضع شأنها شأن بقية مرافق الدولة للرقابة والمحاسبة والنقد والانتقاد، لذلك نرى ان المشوار الاصلاحي مازال طويلا ويحتاج الى الكثير من قوة الاحتمال والأناة والصبر فضلا عن الشجاعة والجراة، فالمعركة طويلة والمشوار أطول..!!
لعلي اتساءل هنا في بادئ الامر، في دولة اسلامية يدين جل أهلها بالاسلام ما حاجة وما مبرارات وجود وزارة للشؤون الاسلامية..؟!
نحن نعلم ان التوعية والدعوة للاسلام يفترض ان يكون مكانهما في المجتمعات غير الاسلامية على أساس نشر الاسلام في تلك، البقاع فهل المسلمون في هذا البلد المبارك (الكويت) والمحافظ ناقصو دين او متقاعسون عن فروضهم الدينية كي ينبري موظفو هذه الوزارة ليرشدوهم الى واجباتهم الدينية..؟!!
فالاسلام ولله المنة والفضل مزدهر والمساجد بكثرتها عامرة بالمصلين والحج والعمرة على مدار العام والزكوات والأخماس والتبرعات الخيرية يعجز اللسان ان يعددها، فماذا يعيب المسلم في هذا البلد، بلد الخيرات والزكوات حتى يتم تنصيب وزارة بوزيرها وبقيادييها وموظفيها وبماليتها المليونية وبمبناها غير التنفيع والترضية لفئة حزبية في ظاهرها تتمسح بمسوح الدين وفي حقيقتها تتعاطى السياسة والمنافع الدنيوية..!
نقول ذلك لا تقليلا من شأن الأمور الدينية لا سمح الله او تقليلا من رجال الدين الاجلاء، فنحن ولله الحمد مسلمون ملتزمون لا نحتاج الى التزكية او براءة كائن من كان، الا اننا نرى ان الاسلام أرفع واجل من ان يستغل للتنفيع او في المناكفات السياسية.
ولعله يفيد التذكير ان هذه الوزارة حين انشائها في أربعينيات القرن الماضي كانت شأنها شأن بقية المرافق الحكومية دائرة فكانت تسمى دائرة الأوقاف وبعد الاستقلال تغير المسمى من دائرة الى وزارة، ولكن في الثمانينيّات من القرن الماضي لما تولى احد قياديي الاخوان المسلمين وقيادي في جمعية الاصلاح حقيبة هذه الوزارة أضاف عليها «الشؤون الاسلامية» وهو الذي ازال مزار الخضر في جزيرة فيلكا، ومنذ ذلك الزمن تحولت وزارة الأوقاف الى ما يشبه القلعة المحصنة لتيارات الاسلام السياسي، ومنذ ذلك الزمن ايضا والى يومنا الراهن والنزاع محتدم ما بين التيارين الاسلاميين السياسيين للهيمنة على مغانم ومقاعد هذه الوزارة، فحينا تكون الغلبة للاخوان اذا تولى أحد منهم حقيبتها فتنصبغ بصبغة الاخوان وحينا تميل الكفة للسلف فتنقلب الوزارة على اعقابها فتنصبغ بصبغة السلف، بل والأنكى ان المساجد التي هي لله منقسمة ما بين هؤلاء وأولئك مثلما هي منقسمة مساجد وحسينيات الشيعة ما بين فئة واخرى، ومن العجب ان تقف الحكومة متفرجة وكأن المسألة لا تعنيها، مع ان النتيجة كما نرى تمزق المجتمع ما بين تيارات متأسلمة اتخذت الدين غطاء لأمور دنيوية..!
والآن نتساءل هل من سبيل لعودة الأمور الى نصابها..؟
بل لعلي أزعم ان هذه الوزارة ما عاد لها لزوم وهناك هيئة مستقلة أسستها الحكومة لشؤون الوقف بشقيه السني والشيعي ويقوم عليهما أناس اجلاء وأمناء، هذا فضلا عن وجود هيئة مستقلة تعنى بشؤون القصر وهيئة مماثلة للزكاة، فما الحجة في بقاء وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية غير صرف الأموال دون مبرر؟ لعل الاجدر الغاء هذه الوزارة التي انتفى الغرض من انشاىها وانشاء مجلس اعلى لرعاية الأديان بديلا عنها مهمته الاشراف على المؤسسات الدينية من مساجد (سنة وشيعة) وحسينيات وكنائس وأمور الحج...الخ.
ان الدستور ضمن للناس (مواطنين ومقيمين) حرية العقيدة، لذا كان لزاما على الحكومة بموجب الدستور تهيئة الأماكن المناسبة للناس لممارسة شعائرهم الدينية، وللأسف ان وزارة الأوقاف غالبا ما كانت محل الشكوى والاستياء من الأقليات الدينية سيما انها محاطة من غلاة متشددين يتجاهلون عن عمد الحقوق الدينية للآخرين..!!
ان اعادة العقل والوعي الديني في هذا البلد الى المسار الصحيح تتطلب اعادة النظر بالكثير من المسارات الخاطئة التي أوجدت في لحظات التراخي والنوايا الحسنة من لدن الدولة او لنقل صراحة في زمن التحالف بين تيارات التاسلم السياسي والحكومة وهي فترة يصح فيها القول فترة الانقلاب على الدستور والانقلاب على الوعي المجتمعي، الامر الذي مكن لتلك التيارات المتأسلمة والمتحالفة مع الحكومة سبيل تسويق الدين وفقا لمسوغاتها السياسية بل ابتداع أمور جديدة باسم الدين تتناقض وصحيح الدين..!
ان تلك التيارات المتأسلمة التي هيمنت على مفاصل الدولة ولاسيما وزارات التربية والأوقاف والشؤون الاسلامية والاعلام والمؤسسات التعليمية والجامعية ومدارس تعليم القران الكريم والمساجد لم يكن ليهمها بناء مجتمع متدين بقدر ما كانت تتطلع الى تكوين مجتمع يسهل انقياده وفقا لرؤاهم السياسية المصبوغة بتفسير ديني احادي مزكى من قبلهم (!!) لعل الحديث في هذا يطول لكن من الجميل ان نرى شيئا من عودة الوعي لدى الساسة وانعكاس ذلك على الوعي المجتمعي وبخاصة في ظل انتشار الفكر التكفيري الارهابي الخطير والذي بات خطره ينسحب على كل المجتمعات الانسانية بلا استثناء، الامر الذي اوجب التدخل الفوري وتعديل المسارات الخاطئة وتعديل كل ما لا يستقيم وصحيح الدين، ولا ريب انها مهمة ثقيلة ومشوارها طويل.
تعليقات