عن الإعلام المباشر التفاعلي!.. يكتب ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 435 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  الإعلام التفاعلي

ناصر المطيري

 

قبل ثلاثمئة سنة وفي مجلس العموم البريطاني أطلق اللورد أدموند يورك مقولته الشهيرة: (توجد سلطات ثلاث و لكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحافيين يجد السلطة الرابعة) ومن هنا اكتسبت الصحافة وصف السلطة الرابعة فهي تملك قوة خطيرة، على الرغم من أن سلطتها غير مباشرة، لكنها تملك الوسيلة الأساسية للترويج والدعاية.. ولها دور كبير في التأثير على الرأي العام وتسييره.
لذلك نجد الحكومات في العالم دائما تسعى لعقد اتفاق تراض مع الصحافة ووسائل الإعلام، وتسعى لتلبية طلباتها وسد حاجاتها.. وتعمل على استقطابها لصفها.. والحكومات قد تنجح أحيانا مع بعض وسائل الإعلام.. وتخفق أحيانا أخرى مع بعضها الآخر.
عندما تبدأ السلطة التنفيذية في أي دولة في العالم ادارة شؤون الناس، فإنها في الغالب تكون صاحبة صلاحيات كبيرة جدا، وقد تستخدم هذه الصلاحيات بطرق خطأ، ما يؤدي بالنتيجة الى الانحراف، والفساد، والتجاوز على الحريات الفردية وما شابه، ناهيك عن حالات التجاوز على الحقوق المادية، والاعتبارية، للفرد والجماعة معا.
دور الاعلام هنا، هو وضع الحقائق تحت الضوء، بمعنى أن الحكومة لا تستطيع أن تعمل في الخفاء، ولا ينبغي لها ذلك، وسلطة الاعلام هنا تدفع لفضح الاخطاء التي ترتكبها السلطة التنفيذية بحق الشعب، وكما هو متعارف، فإن بعض الحكومات التي تضع الدستور كخيال مآتة، ولا تعمل به إلا من حيث كونه حاجة كمالية تزيّن بها شكلها أمام العالم، هذه الحكومات تصنع إعلامها الذي تريده بنفسها، واعلام من هذا النوع هو اعلام حكومي، تموله الحكومة كليا، لكي تضمن استمالته الكلية الى جانبها، لكن المشكلة أنالمال المموِّل للاعلام الحكومي، هو مال عام، إنه مال الشعب، ولهذا ينبغي أن يكون اعلاما شعبيا يقف الى جانب الشعب قبل الحكومة، اعلاما موضوعيا يعرض الحقيقة المجردة.
إن هذا التحالف بين سلطة الحكومة وسلطة الاعلام يعتبر من أقدم التحالفات، ومن قبل حتى أن يعرف مصطلح الاعلام كمسمى للتواصل وتبادل المعلومات وتناقل الأخبار، فقد كان الحكام والسلاطين يقربون منهم الشعراء والرواة من أجل أن يتناقلوا أخبارهم بين الناس ويثنون عليهم في أحاديثهم وقصائدهم، ويبرزون الصفات الحميدة حتى لو لم تكن فيهم.
وفي عصرنا الحديث كان الحكام دائما يقربون الكتاب والصحافيين والاعلاميين والادباء والمثقفين والمفكرين من مجالسهم، ومازالوا.
المتغير الجديد في سلطة الإعلام هو وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في زمننا الراهن الوسيلة الشعبية الوحيدة للتعبير بعيدا عن الإعلام السلطوي، ولقد ادركت العديد من حكومات عالمنا الثالث خطر هذا الإعلام الجديد وبدأت تبحث في شتى الوسائل للتأثير فيه ومحاولة الحد من تمدد هذا الإعلام التفاعلي الذي بات يغذي الشعوب بالمطالب الديموقراطية وتوسيع الحريات والمشاركة في صنع القرار،
والحاصل أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة غيرت مفهوم الإعلام التقليدي والرسالة الاعلامية القديمة وأصبحنا أمام الإعلام المباشر التفاعلي الذي يسبق الحدث ويصنعه ويتفاعل معه.

 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك