لماذا يراهن كيري على أننا نحن العرب لا نفهم؟!.. وائل الحساوي متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 598 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  أكذب من عرقوب!

د. وائل الحساوي

 

ذلك مثل عربي مشهور يطلق على من يبالغ في الكذب الى الدرجة التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها، وعرقوب هو رجل من العماليق الذين سكنوا فلسطين قديما، فجاءه أخوه يوماً يسأله أن يعينه، فقال له عرقوب إذا طلعت هذه النخلة فلك طلعها، فلما ظهر طلعها جاء أخوه ليذكّره بوعده له، فقال له عرقوب: انتظر حتى يصير الطلع بلحا، فلما صار بلحاً، قال له: انتظر حتى يصير رطباً، فلما رطب قال له: انتظر حتى يصير تمراً، فلما أصبح تمراً قام إليها عرقوب ليلا وجذها (قطعها)، ولما جاء أخوه لم يجد شيئا!

لا أدري لماذا يراهن كيري على اننا نحن العرب لا نفهم وان ذاكرتنا اضعف من ان تذكر ما سمعناه قبل عام من اليوم، فتراه يكذب ويكذب ويكذب دون توقف وبطريقته الناعمة التي لا تشعرك بذلك!

لم تكد الثورة السورية تدخل عامها الخامس حتى سمعنا كيري الذي كان يبشرنا بقرب سقوط الاسد وبصلابة موقف الولايات المتحدة الاميركية من النظام وبأنها لن تسمح له بالبقاء والاستمرار، ثم فجأة ومن دون مقدمات انقلب كيري رأسا على عقب ليصرح بأنه لا بد من التفاوض مع الأسد في نهاية المطاف.

عندما أعلن المبعوث الاممي ديمستورا قبل شهر بأن الأسد هو جزء من الحل في سورية، شعرنا حينها بالصدمة، ولم نصدق بأن الأمم المتحدة يمكن ان تخالف توجهات الدول الكبرى التي تتشدق بضرورة تنحية الاسد، لكنها كانت خطة محكمة ادارها «عرقوب» بإحكام لامتصاص غضب العرب والمسلمين وتهيئتهم لقبول المؤامرة التي تديرها تلك الدول الغربية في الخفاء.

لقد كشف كيري اخيرا عن وجه العم سام القبيح الذي حاول اوباما تغطيته، بدءا باستنكار ما يقوم به الاسد في سورية، ثم حديثه عن الخط الاحمر الذي لا يمكن تجاوزه - وتجاوزه بسهولة - ثم عن ضربة عسكرية لسورية، ثم عن تسليح المعارضة المعتدلة، ثم عن (جنيف 1) و(جنيف 2) ثم عن تدريب المعارضة، ثم عن حصر قائمة المتعاونين مع المتطرفين، ثم عن حملة غير مسبوقة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»!

اليوم وقد انتهى مفعول المسكنات المسمومة فلم يعد يجدي غير كشف الوجه القبيح الذي كان الغرب يخفيه، وان نظام الأسد ضرورة ولا يمكن التخلي عنه، وان تسليح المعارضة المعتدلة ليس إلا خدعة الهدف منها هو كسب الوقت وإلهاء الشعوب المخدوعة!

العرقوب الإيراني

العراقيب كثيرة في عالمنا اليوم، وليس اكذب من كيري إلا النظام الايراني، الذي يعتقد بأنه يخاطب مجموعة من العرب الهمج الذين لا يفهمون حتى لغتهم العربية، فبعدما صرح «علي يونسي» مستشار الرئيس الايراني بأن ايران قد اصبحت امبراطورية، وان عاصمتها العراق، جاءنا رئيس مجلس النواب الايراني علي لاريجاني ليقول لنا إن ما سمعتموه من يونسي ما هو إلا خطأ في الترجمة!

فهل نسي لاريجاني ما ذكره قبل فترة قصيرة من ان سقوط نظام بشار في سورية هو مقدمة لسقوط الكويت، وقال: افهموها كما شئتم، ثم طالب لاريجاني من أسماها بدول الخليج الفارسي بألا يعرقلوا طموحات ايران وإلا فإن العرب سينحسرون الى مكة كما انحسر آباؤهم سابقا الى مكة المكرمة!

واذا كنا مخيرين بفهم تلك الكلمات كما نشاء فإني اقول بأنها كذلك خطأ في الترجمة فهو يقصد بأنهم اذا انتهوا من سورية فإن اول دولة سيكتسحونها هي الكويت لأنهم لا يريدون لسكانها ان ينحسروا الى مكة بل يريدونهم ان يعملوا خدماً في بلاط الإمبراطورية الفارسية !

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك