الوطن من دون «الوطن»؟ يتساءل مناور الراجحي

زاوية الكتاب

كتب 474 مشاهدات 0




أرجوحة

الوطن من دون «الوطن»؟

إلى متى سيظل الوطن من دون «الوطن»؟! والى متى ستفتقد الساحة الاعلامية في الكويت منارةً من مناراتها الكبرى؟! والى متى سيفتقد شارع الصحافة عبير «الوطن» وكلماتها الرنانة في مختلف المجالات؟ أعتقد ان الأسئلة قد تطول وعلامات التعجب قد تقف متراصة الى نهاية المقال، وذلك نظراً للتاريخ الحافل لجريدة «الوطن»، كونها من الأعمدة الأساسية للصحافة الكويتية بشكل خاص وللاعلام الكويتي بشكل عام، وليس من المنطقي أو الطبيعي ان تتوقف احدى مناراتنا الاعلامية نظراً لأمور قد تكون من البساطة في حلها بما لا يتجاوز الثواني المعدودات.
ونظراً لدراستي القانون فأنا أكثر من يدعو الى احترام القوانين وضرورة العمل على انفاذها وتطبيقها، وعدم الخروج عليها، فاحترام القانون من الأسس القوية لتقدم الدول وازدهارها، بل وعليه يتوقف استمرارها من الأساس، لكني أتكلم هنا عن أبعاد أخرى في منتهى الأهمية، من ضمنها امكانية استمرار الجريدة في الصدور الى حين حل المشكلات، طالما ان ذلك لا يضر بالصالح العام، ومن ضمنها امكانية العمل على تسوية المشكلة، فنحن لا نتحدث عن مشكلة قانونية متعلقة بعقار، أو بقطعة من الأرض محل نزاع بين المتخاصمين، نحن نتكلم عن مؤسسة صحافية اعلامية كبرى، تنتمي ملكيتها في الأساس الى جمهورها من القراء قبل ملكيتها لأصحابها، ف«الوطن» كغيرها من الصحف العريقة لا تتوقف ملكيتها عند حدود الملكية الشخصية، فتاريخها ودورها الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي والاعلامي، يجعلها جزءاً من نسيج هذا المجتمع، ويضع لها مكانتها ودورها المؤثر في العديد من الأحداث، ف«الوطن» ملك للجميع، وملك لقرائها الذين تعودوا على كتابها، وتتبعوا الأخبار عبر صفحاتها، وعايشوا الأحداث عبر تحقيقاتها، وتعرفوا على النجوم عبر أحاديثها ومقابلاتها الصحافية.
«الوطن» ملك لجميع من سلكوا طريق الكتابة على دروبها، ملك لكتابها الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية الكويتية، والسطور عاجزة عن حصر القامات الاعلامية الكبرى التي احتوتها «الوطن» على مدار نصف قرن، و«الوطن» ملك للمحررين الذين تمرسوا على الكتابة عبر أبوابها المختلفة، وأبدعوا في مختلف المجالات، وكتبوا وتناولوا الحياة الكويتية والمجتمع الكويتي عبر مختلف الصفحات، «الوطن» ملك للوطن، ولتاريخ هذا الشعب، ومسيرته الاعلامية الحرة والمتميزة في منطقة الخليج والوطن العربي والشرق الأوسط، «الوطن» ملك للوطن وللتراث الثقافي للكويت، وللأجيال الحالية والأجيال القادمة.
هذه المقالة تأبى الرضوخ الى أي تصنيفات سياسية أو أيديولوجية، لكنها تتوقف في الميدان الاعلامي مشهرةً رايتها، ومعلنةً رأيها بصوت عالٍ وجهور كشهادةً للتاريخ والحاضر والمستقبل، ان الكويت التي عرفت بحريتها الاعلامية وبصحافتها الحرة، والتي نشأت ذات طبيعة خاصة منذ بدايتها، ليس من عاداتها اغلاق الصحف وتكميم الأفواه، وليس من ديدنها التضييق على الاعلام، فالكويت دائماً رمز من رموز الحرية الاعلامية، ولا يليق بها ان تقف في مصاف الدول التي تصادر الحريات، وتغلق المؤسسات الاعلامية، حتى لو كان من خلال الأبواب القانونية، وأنا هنا أتحدث وفقاً لهويتي الكويتية والأكاديمية والاعلامية، موجهاً رجاءً الى من بيدهم الأمر بأن تجري حكمتهم مجراها في شأن اغلاق جريدة «الوطن»، فدائماً ما تحتاج الأمور الى الحكمة، كي تعيد الأمور الى نصابها، وأعتقد ان اغلاق منبر اعلامي كبير، أمر يستحق التدخل بالحكمة التي تعودناها دائماً في معالجة الأمور، وتحقيق مصلحة الكويت وشعبها، حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل سوء، وأدام الله علينا نعمة الأمن والأمان.

د.مناور بيان الراجحي

الآن- الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك