د.وليد الطبطبائي يروي حكاية (كروتة) و(سلق) قانون ضمان الودائع البنكية داخل مجلس الأمة، ويستبعد فكرة حل المجلس لأن الحكومة لن تجد افضل منه لتمرير مشاريعها

زاوية الكتاب

كتب 996 مشاهدات 0


 




ضمان الودائع.. من يضمن من؟! 

تساءل كثيرون عن سبب عدم موافقتنا على القانون الذي اصدره مجلس الأمة بشأن ضمان الودائع البنكية.. ولهؤلاء كل الحق في التساؤل هذا خاصة انه لم يتح لنا فرصة بيان رأينا قبل التصويت على هذا القانون.. ولذلك أود أن اوضح موقفنا ضمن النقاط الآتية:

أولا: ان مشروع القانون الذي تم التصويت عليه في مداولتين لم يكن مدرجا على جدول الاعمال قبل الجلسة بل لم يصل إلى المجلس ولا الى لجان المجلس وتم توزيع نسخة مصورة عنه بواسطة «فراشي» المجلس اثناء الجلسة، وكنت اظن ان هناك بيانا أو تصريحا صحفيا يوزع فإذا به قانون بحجم هذا القانون يخول الحكومة بسحب اكثر من 23 مليار دينار من الاحتياطي العام للدولة دون الرجوع للمجلس وفقا لهذا التفويض العمومي الشامل.

ثانيا: تفاجأت بأن الحكومة تطلب فتح باب ما يستجد من أعمال لادراجه فورا على اعمال الجلسة وانها تطلب ان تقدم اللجنة المالية تقريرا خلال ساعة واحدة فقط «مهزلة» تقريرا طبعا بالموافقة على القانون!!!

ثالثا: عندما أراد الرئيس اخذ موافقة النواب على طلب الحكومة اخذت أقرأ مشروع القانون على وجه السرعة لانه لم يمض على توزيع المشروع والتصويت عليه إلا بضع دقائق. فلفت نظري لأول وهلة ان ضمان الودائع والحسابات البنكية مشتمل على الفوائد البنكية نظرا لعموميته واطلاقه. فقمت وصرخت وطالبت بوقف التصويت على طلب الحكومة.. وقلت: مهلا ان هذا القانون مخالف تماما للشريعة الاسلامية.. وهذا لا يجوز ان نقر قانوناً بهذه السرعة فيه تشريع لاكبر الكبائر!! فعند ذلك خيم الوجوم على أعضاء المجلس.. فقال بعض اعضاء اللجنة المالية: ما فيه مشكلة نقيد القروض بأصل القرض بدون فوائد بنكية.. فقلت لهم طيب ليش الاستعجال اليوم تخلصون القانون خلونا ندرسه اكثر قد نجد فيه اشياء اخرى.. ونحتاج الى مراجعة والتشاور مع المراجع الشرعية والاقتصادية ومعرفة تفاصيل القانون.. فقال لي بعض الزملاء: ليش ما تروح وتحضر اجتماع اللجنة المالية.. وطبعا صدر قرار من المجلس باعطاء اللجنة ساعة (فقط) لاعداد القانون.. وخرج اعضاء اللجنة للاجتماع على هامش جلسة الاربعاء.

رابعا: وفعلا ذهبت الى مقر اللجنة المالية، فوجدت اعضاء اللجنة مع وزير المالية فقط، وهو لا يعرف ماذا يجيب عن تساؤلات اعضاء اللجنة.. فقام بالاتصال بمحافظ البنك المركزي يستدعيه للحضور للاجابة عن تساؤلات اعضاء اللجنة ولم يقدم خلال اجتماع اللجنة في الوقت الذي حضرت جانبا كبيرا من اجتماعها أي معلومات عن حجم الودائع والحسابات ولا عن توزيعها على البنوك ولا عن شرائح المودعين واعدادهم، ولا عن الوضع الراهن ولا عن الاسباب الداعية لمثل هذا التشريع في هذا الوقت ولا عن اسباب تشريع هذا القانون سابقا ولا عن اسباب الغاء الحماية قبل سنوات..؟!

وللأمانة فان اعضاء اللجنة اجتهدوا فقاموا بوضع نص يلغي الحماية عن فوائد البنوك والاكتفاء باصل القرض وأيضاً يحسب لهم انهم اضافوا نصاً يضمن حقوق الدولة على البنوك في حالة تدخل البنك ودفع اموالا للمودعين.. وهذا لم يكن في النص الاصلي.. ولكن هذا التدخل المحمود لم يكن كافيا في نظري للاجابة عن تساؤلات عن حجم الودائع وشرائح المتداولين وارقامهم؟!!

خامسا: وخلال دقائق معدودة كان التقرير جاهزا ومطبوعا وموزعا على اعضاء المجلس لقراءته داخل الجلسة.. ثم اعطي الكلام لاربعة متحدثين اثنان مؤيدان واخران معارضان.. وتحدث النائب مسلم البراك كمعارض اول وتساءل عن الارقام والبيانات التي لم تقدم لاعضاء المجلس عن حجم الودائع واوضاع البنوك حاليا.. وابدى خشيته من ان يكون هذا القانون لحماية اصحاب الكروش المنتفخة ومدخني السيجار وهم يتلاعبون بأموال المودعين ثم تقوم الدولة بتغطية مغامراتهم دون محاسبة او مساءلة؟!!

سادسا: وتحدثت انا كمعارض ثان وابديت اعتراضي على رغبة الحكومة في (سلق) هذا القانون بهذه السرعة وتجاوب المجلس معها للاسف في الوقت الذي تقترح الحكومة بطلب مهلة اسبوعين لابداء رأيها في تشكيل المجلس للجان مؤقتة للمرأة والاسكان والبيئة والبدون.. على الرغم من ان هذه اللجان للدراسة فقط ولا تملك سن قوانين ولا تشريعات دون الرجوع للمجلس؟!

وعليه فقد كررت مطالبتي بتأجيل التصويت على القانون لمزيد من الدراسة ولو لاسبوعين حتى نلم بالجوانب القانونية والتشريعية والاقتصادية لهذا القانون المقدم وايضا طالبت بأن يكون هناك سقف اعلى للودائع المضمونة اسوة بما هو معمول به في امريكا 120 الف دولار للفرد وفي بريطانيا نحو 35 الف جنيه استرليني للفرد.. واقترحت ان يكون السقف لا يزيد عن 200 الف دينار.. ولكن للاسف سقط اقتراحي واصبح السقف مفتوحا للآخر بدون أي قيد؟!!

سابعا: ابدى السيد احمد السعدون ملاحظة هامة على القانون بانه قانون تفويضي مطلق يخول الحكومة الدفع بأي مبلغ في أي وقت تشاء دون موافقة المجلس ولا حتى اخطار المجلس، وعليه فقد طالب السعدون باضافة فقرة تلزم الحكومة باخطار وابلاغ المجلس وديوان المحاسبة بأول عملية دفع وفقا لهذا القانون.. وتم الاخذ بملاحظة السيد احمد السعدون.. مما يدل على ان القانون فيه من الاستعجال الخطير و(الكروتة) و(السلق) غير المبرر مما يجعل عليه اكثر من علامة استفهام وآلاف علامات التعجب عن الهدف من وراء هذا القانون في هذا الوقت بالذات (وللعلم من هذه العبارات الاخيرة قد طرحتها بنفسي اثناء هذه الجلسة ولكن لم يتم الالتفات لها للاسف)..

انا اعتقد واظن ان وراء الاكمة ما وراءها وان هذا القانون بهذا الاستعجال المريب هو استغلال للاحداث والازمة الراهنة وان اعضاء الحكومة واعضاء اللجنة المالية واعضاء المجلس لا يدرون من الذي حرك هذا القانون بهذه السرعة المهولة، وان اطرافا نافذة سعت لاقراره بهذه الطريقة المريبة.. واذا كان كلامي خطأ.. فلماذا لم يتم اعطاء اللجنة المالية والمجلس فترة اسبوع على الاقل لدراسة المشروع واحكام صياغته ودراسة مدى الحاجة لمثل هذا التشريع ومعرفة تفاصيل الارقام وآلية تطبيقه والشروط والاجراءات التي سيصدرها البنك المركزي في حق المتلاعبين من اعضاء مجلس البنوك واداراته التنفيذية - وكيفية ضمان الدولة حقها لو تم افلاس بنك - فهل ستدفع الدولة عن البنك قيمة اصول الودائع.. ثم يسافر رؤساء واعضاء مجالس البنوك ويهربون الى جزر البهاما.. ولا تستطيع الدولة استعادة حتى %10 مما دفعته نتيجة لتلاعب هؤلاء.

ختاما: يقولون ان هذا القانون ضروري لحماية الصناعة المصرفية.. فلماذا لم يكن هذا القانون ضروريا قبل سنة أو سنتين.. ولماذا الآن!! وهل الهلع اليوم حقيقي ام مصطنع؟! اسئلة لا اجد لها جابة.

***

حل المجلس خسارة للحكومة

انا استبعد جدا فكرة حل المجلس.. أو انها فعلا غير منطقية لأن الحكومة لن تجد افضل من هذا المجلس لتمرير مشاريعها.. والدليل جلسة الاربعاء.. واللبيب بالاشارة يفهم.
 

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك