دوامة الفساد في الكويت وليدة تراكمات!.. هكذا يعتقد محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1319 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  دوامة الفساد.. حلقات مترابطة (1)

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

'>مراجعة متجردة لواقع الفساد في الكويت تكشف عن حقيقة مؤلمة، ولكن ثابتة وبكل أسف، وهي أن معظم - إن لم يكن كل- من كان يرفع شعار محاربة الفساد أو وقوفه ضده كان متورطا فيه، أو جزءا منه، أو مساهما فيه سياسيا أو انتخابيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو تعليميا أو صحيا، بل -معظم- وزراء الحكومة وأعضاء مجلس الأمة المتلاحقة والوجهاء اجتماعيا والفاعلون اقتصاديا، بمن فيهم قيادات وشخصيات العمل السياسي وتياراته متورطون بذلك حتى اليوم. وتلك الحقيقة تبرهن على أن دوامة الفساد في الكويت هي وليدة تراكمات وتواصل لحلقات متراكمة.
وسوف أعدد وأطرح الأدوار والترابط بين حلقات الفساد في البلد من خلال جوانب مختلفة، تبرز التورط والمساهمة التي قام بها كل من هؤلاء.
1 - معظم من قبل بحل مجلس الأمة عام 1976 وشارك في إدارة الدولة في هذه المرحلة، ربما كان ركيزة للفساد، فمنذ هذا التاريخ عطلت مؤسسية عمل الدولة، ووزعت هبات المناقصات والعقود الحكومية، وظهرت تعيينات المناصب القيادية على أساس من المحسوبية والتكسب في معظم الأحيان، وبدأت مشاريع الدولة الجادة تتوقف وتأخذ المشاريع الفاشلة منها حركة غير طبيعية، وهو ما ندفع ثمنه اليوم من فساد متتابع.
2 - في هذا الوقت، بدأت حالات الإثراء السريع، ومعظمه غير المشروع والتربح المفاجئ على حساب المال العام، وقد كان رجال السياسة والتجار والوجهاء فاعلين في تداعيات هذه المرحلة، ما عجل بظهور ثلاث أزمات مالية واقتصادية، كانت نذير شر لما أصاب البلد بعد ذلك (أزمة المناخ الأولى - أزمة الارتفاع الفاحش في قيم العقارات مع الاحتكار والمضاربة فيها - إشكالية إنشاء الشركات التجارية الوهمية أو المؤقتة - فالمناخ الثاني).
3 - تم تعديل العديد من القوانين التي كانت تسير بصورة مباشرة لتقليص الرقابة وتعطيل انسيابيتها، أو ارباك أسس مؤسسية الدولة أو تفريخ مؤسسات وأجهزة حكومية للتنفيع في تكوين مركز قوى أو لوجهات بالمناصب أو التعيينات العشوائية، وعطلت نظم وإجراءات الوظيفة العامة، بإيجاد الاستثناءات منها.
4 - تم تعديل قانون الدوائر الانتخابية العشر المتوازن والقابل للتطوير بتحسينات معقولة، لنظام الدوائر الـ25 دائرة الذي فتت البلد سياسيا واجتماعيا، وعزز الولاء الفئوي أو الطائفي أو القبلي أو المناطقي على حساب وحدة الوطن، وهو ما فتح الآفاق للتدخل الحكومي للتحكم بمكونات المجلس، وأتاح للمال السياسي إفساد الانتخابات، فانتشرت ظواهر شراء الأصوات، وخلقت ظاهرة نائب الخدمات باختراق لأنظمة الدولة ومؤسساتها من أجل الصوت الانتخابي، وتفاقمت مشكلة نقل القيود الانتخابية لتزيد على %25، وولدت في كنفها الانتخابات الفرعية القبلية أو الطائفية أو المناطقية (كتل الأقليات)، وجاء مجلس 1981 ليقرها كي يستمر وجوده، وليثبت نظاما انتخابيا فاسدا، وقد سقطت التيارات السياسية جميعا بفخ فساد الدوائر الـ25، حينما تسابقت في تحقيق مكاسبها الخاصة ببضعة مقاعد متجافية عن حقيقة تعزيزها لنظام انتخابي فاسد، جعل المؤسسة البرلمانية تتآكل من الداخل على مدى ربع قرن، كانت كفيلة بهدم وبعثرة البناء الدستوري المؤسساتي الصلب وتحويله لواقع هش من التركيبات التشريعية واللوائح والممارسات البرلمانية غير المتجانسة التي يناقض بعضها بعضا، ويسهل بعثرتها.
5 - هناك مظاهر واوجه أخرى لأدوار ومساهمات للفساد تلت ذلك لا تقل خطورة عما سبق، بل وتلعب دورا مخيفا في تبريره أو دعمه أو التستر عليه، ستكون محل نقاش في الجزء الثاني من هذا المقال.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك