أين هذه الأصناف التي تتمسك بقول الحق أبد حياتها؟!.. محمد الشيباني متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 436 مشاهدات 0


القبس

حكمة لقمان 

د. محمد بن إبراهيم الشيباني

 

الرجل الصالح لقمان الحكيم سميت سورة باسمه، ولست هنا بصدد التعريف به، فمن أراد ذلك فعليه أن يرجع إلى تفسير السورة المسماة باسمه، وليجد أقوال المفسرين الكثيرة فيه، لا سيما تفسير القرطبي الذي يشبع المسائل ويعطيها حقها من جوانبها كلها.
ما نقل عن اختياره من الرب الكريم من حكمة كان يسير بها في أمته ويرجع الناس إليه يأتسون به ويتهذبون بما يصدر عنه، حتى طارت الركبان بأقواله في كل مكان من الأرض، وهي تتلخص في ثلاثة أمور: قولة الحق على الدوام، الوفاء بالعهد، عدم التدخل في ما لا يعني. وهذه الثلاثة أغلبنا يعيشها ويعافسها في حياته، يومه وليله، بل ومبتلى بها في أغلب أحيانه لا يستطيع أن يتجاوزها ويصد عنها، وهو يعلم خطرها عليه وعلى من حوله.
من يقل الحق اليوم على الدوام ويخلص فيه ولا يرجو من أحد شيئاً من لعاعة الدنيا منبوذ من أهله وقرابته قبل البعيد، ومن مجتمعه، أصحابه وخلانه وفي عمله الذي يكسب منه.
أين هي هذه الأصناف التي تتمسك بقول الحق أبد حياتها ولا تتنازل عن مبادئها وتتحمل المغريات والتهديدات؟!
ما مر بي من شخصيات وتعاملت معها طيلة سني حياتي وأنا اليوم بيني وبين السبعين سنتان إن عشتهما كثير هم الذين غيروا وبدلوا من مبادئهم وآرائهم وأفكارهم بسبب المغريات، أموال ومناصب، وعدد قليل منهم من اعتزل الحياة السياسية وغيرها ليحافظ على ما تبناه وأوذي في سبيله سنيَّ حياته.
أما «الوفاء بالعهد» وهي الحكمة الثانية التي اشتهر بها لقمان الحكيم، فأين الناس منها اليوم إلا من رحم؟!
فناس اليوم قد أكلهم واستحوذ على حياتهم النسيان ونكران فضل الآخرين عليهم إن لم يحاربوه ويؤذوه ويعينوا غيرهم عليه!
أما ثالثة الحكم (عدم التدخل في ما لا يعني)! وأين نحن اليوم من هذه الثالثة الخطيرة، فقد تدخل القوم اليوم إلا من رحم بأجهزتهم الاجتماعية في كل شيء، فبدل الستر على الناس وعدم فضح أسرارهم التي لم يطلع عليها أحد تراهم هتكوها ونشروها مع أنها لا تعنيهم في صغيرة ولا كبيرة ولا من قريب ولا بعيد، ولكنه حب التدخل ونقل الفضائح وهم يرون ذلك من الكسب بأنواعه والتفرد فيه والسبق إليه.
فمن يصبر على ثلاثة الأمور التي نال لقمان بها الحكمة وشرف ذكر الرب الكريم له بإفراد سورة قرآنية له؟! والله المستعان.

• الحكمة
«خذوا الحكمة من أي المصادر، واطلبوها في أي مكان وجدت، وسيروا إليها في كل سبيل تنفتح عليه عيونكم». (إيليا أبو ماضي).

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك