عالم التجارة النظافة فيه قليلة!.. بنظر محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب يونيو 13, 2015, 12:35 ص 773 مشاهدات 0
القبس
التجارة...!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
قليلة أو نادرة هي التجارة في عالم اليوم التي تخلو من التدليس والكذب والرشوة والغش، بل نادرة الدول الصناعية وغيرها التي لا تلعب مؤسساتها لعبتين أو نوعين من التجارة، لعبة ما يسمى فوق الطاولة أي في القانون وتطبيقاته وعدله، وما تحت الطاولة وهو مخالفته وبطرائق لا تخطر على بال في الموافقات والتطبيقات قرينة القوانين وعدالتها.
عملت بالتجارة في الصين سنين ليست بالقصيرة، وكان لي مكتب ليس بالكبير وليس بالصغير، وكان يعمل معي عدد لا بأس به من العاملين من الجنسين من الصينيين، وكان لي من المحامين ثلاثة، واحد للمهمات الصعبة (فوق وتحت الطاولة)، وآخر للرخص وكل ما يتعلّق بالمكتب من أوراق رسمية، وثالث المحامين هو المطراش لكل شيء نحتاج إليه، يعني «شبيه» بالمندوب.
وكان لنا مكتب آخر في هونغ كونغ نتردد عليه بين الفينة والأخرى، وهو مكتب قانوني (ما تخر ثبوتياته الماي) ما زلت أحتفظ بكل أوراقه وأختامه العجيبة من جمالها وأنواعها وطريقة صنعها!
كان صاحب هونغ كونغ وهو محامي المهمات الصعبة عندما تستعصي علينا بعض القوانين في نوع من أنواع التجارة من استخراج رخص لها، كانت القوانين تمنع ذلك ومثاله إنشاء مصانع للحوم الحمراء والبيضاء وتعليبها وتأجير مزارع للمواشي والطيور، في وقتنا كان القانون يمنع ذلك، ولا أدري هل رخص اليوم لذلك أم لا؟ فكان صاحبنا يقول: ليس في الصين قاطبة أي شيء ممنوع من التجارات والصناعات، وقال: هناك قوانين فوق الطاولة وتحتها!
أما عن الرشى، فهذه موجودة في كل مكان، وفي الدول الغنية والفقيرة، أي رشوة موظف الجمارك صاحب الراتب الكبير أو الصغير الذي أغنته حكومته عن ذلك، أو الدول الفقيرة التي تكون عادة قوانينها صارمة لا ترحم. وكم هم موظفو هذا القطاع الذين يخافون الله في عدم خيانتهم للأمانة الموكولة بهم؟ وكم هم الذين يجاهرون بذلك نظير مئة دينار لكل ألف قطعة من المصنوعات، سواء كانت ساعات أو شنطاً أو أحذية وخلافه، فإذا كانت الصفقة عشرة آلاف قطعة من مئة دينار يعني يتسلم الموظف عشرة آلاف دينار! ناهيك عن تحريف بلد الصنع، مثاله: من الصين إلى لندن أو فرنسا أو إيطاليا، وتتسلك الأمور في جمارك الدول إذا كان هناك من الموظفين في الأماكن المعنية الحساسة بهذه السلوكيات.
تغيير بلد الصنع هذه تكون عادة بين المصانع والمكاتب التجارية، وهي ليست حصراً على الأنواع التي ذكرت ربما تصل إلى السيارات والمكيفات وكل الأدوات الكهربائية.
عالم التجارة، عالم النظافة فيه قليلة، بل قل معدومة في كثير منها.
هذا غيض من فيض مما لمسناه وعايشناه في عملنا هناك، حتى تخلصنا منه بفضل من الله ونعمة. والله المستعان.
* * *
• العوجة.
«الشجرة العوجة بطاطها في غير حوضها».
تعليقات