الخوف السياسي في بلدان العرب!.. بقلم سعاد المعجل
زاوية الكتابكتب يونيو 16, 2015, 12:02 ص 588 مشاهدات 0
القبس
الخوف!
سعاد فهد المعجل
الخوف هو العدو الأول للإنسان، فالناس عادة يخافون من الماضي والمستقبل.. ويخافون من الموت.. وتبقى للخوف مصادر مختلفة.. فهو إما خوف ناتج عن خطر حقيقي قد يشكل تهديداً لحياة الإنسان.. واما خوف مرضي أو ما يسمى في علم النفس «الرهاب»، اي خوف يكمن في العقل الباطن للانسان ويجعله محاصراً بمخاوف لا يعلم لها سبباً!
عموماً، كمجتمعات عربية وشرقية.. نحن تربينا ونشأنا على الخوف.. وبغض النظر عن نوايا الأهل أو المدارس أو المساجد من وراء بث الخوف في قلوب الناشئة، والتي قد يكون من بين تلك النوايا تهذيب الأخلاق وزرع الفضيلة أو أي نوايا أخرى خيّرة.. أقول، بغض النظر عن هذه النوايا انها بلا شك قد خلقت منا، كمجتمعات، شعوباً مطاردة دائماً بهاجس الخوف.
فعندما كنا أطفالاً، كانت تحاصرنا المخاوف وتغذينا بدعوى التربية والتوجيه: إذا لم نكمل طعامنا فإن الله سيلقينا في النار، وإذا كذبنا فإن النار ستشوي وجوهنا.. وإذا لم نتواصل مع أرحامنا فإن الله سيغضب علينا. قدّموا لنا الله كأطفال من جانبه الجبار، ولم يتم التطرق إلى عشرات الأسماء لله التي تعكس رحمة ورأفة وحبا وتسامحا ومغفرة.
في المدرسة كان العقاب هو وسيلة التعلّم، والترهيب هو اداة الامتحان، والمعلّم سلطة بإمكانها تحديد مستقبلنا وأحياناً بمزاجية واضحة، اما في البيت فسلطة الأب هي السائدة، وأي رؤية أخرى خارجة عن رؤية الاب تعتبر تمرداً وخروجاً عن التقاليد وعقوقاً للوالدين.
إذاً ليس غريباً أن تسود الدكتاتوريات معظم عالمنا العربي.. فالخوف المستوطن في نفوسنا سببه ثقافة الاستبداد والطغيان التي نمارسها من دون أن نعي تبعاتها على النفس البشرية. الخوف لا يمكن أن ينشأ من فراغ، والاستسلام لاستبداد السلطة لا يمكن أن يحدث في مجتمعات نشأ الفرد فيها على استقلالية الرأي والحرية.. وفي مجتمع ديموقراطي حقيقي لا يكون الخوف فيه اساسا لأي موقف او نقاش سياسي.
منذ ما يقارب خمسة قرون كتب إيتين لابوسيه كتابا بعنوان «العبودية المختارة»، استند فيه الى تفكيك العلاقة الجدلية بين الاستبداد والعبودية.. ما ذكره من تحليل يغوص عميقاً في طبقات اللاوعي الجمعي.. الكتاب يبدو وكما لو أن الكاتب قد كتبه خصيصاً لبعض انظمتنا السياسية العربية الراهنة.. وظاهرة الخوف السياسي في معظم بلداننا العربية!
تعليقات