صالح المزيد يكتب - إن حرية الحرية هلكة البَريّه!

زاوية الكتاب

كتب صالح المزيد 1103 مشاهدات 0

صالح المزيد

مفهوم الحرية أخذ جدلاً واسعاً لدى المثقفين والسياسيين، منهم من شَرَق بالمفهوم والآخر غَربه، ومنهم من ادعى أن لا حرية للإنسان اصلا!

فبعد اسقاط الدولة العثمانية الإسلامية بمؤامرة غربية مع بعض الخونة العرب عام ١٩٢٤م، تمت السيطرة على العرب بإستعماراً توسعياً على يَد فرنسا وبريطانيا وتم اعلان اتفاقية سايكس بيكو التي كانت سرية وفُضِحت بالأخير، وتم الاستعمار الغربي للأرض العربية والإسلامية سياسياً وعسكرياً، وقُسم العرب الى دوليات كالقصعة يُقسم فيها الأكل للآكلين!

وحتى يثبت هذا الاستعمار السياسي والإقتصادي والعسكري الإمبرالي، لا بد ان يتم الاستعمار الفكري لتثبيت العامود الفقري للإستعمار بالأرض الإسلامية، فظهر التغريب من بعض العرب نحو العلمانية وخانوا الإسلام والمسلمين ونادوا بالتغريب، وتم ضرب الدين الإسلامي محاولين قمعه بحجة ان الدين أفيون الشعوب وانهُ قامع للحرية لتحديده نطاقها وإطارها ولم يطلقها، فتنادت الأصوات العلمانية العربية نحو حرية الحرية وصاحوا 'لنحرر الحرية'!

هُم ' العلمانيون' يعتقدون أن الإنسان مركز الكون فلهُ الحق ان يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء دون حد أو عقاب، لكن بعضهم حاول ان يجمل العلمانية وقال 'حريتك تقف عند حد إنتهاك حرية الآخرين'!

فتم إنتشار هذهِ الأفكار الأستعمارية بسيف العلمانية التي شكلت النظام العالمي الجديد الذي يطمح له الغرب المستعمر وقد نجح في ذلك بمكان!، ولكن ثمة قومٌ لا يتزحزح دينهم وعقلهم، أُناس صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فواجهوا هذهِ الأفكار الضالة بقوة الدين !

إن الحرية بالإسلام تقف عند حدود الله!، ومن يتعدها يعاقب بحُكم الله، فالإسلام جعل الحرية بنظام شرعيّ محدد إطاره!

واسأل هؤلاء العلمانيين العرب! هل يصح ان يقتل الإنسان نفسه بحجة الحريه؟ هل يصح السرقة بحجة الحريه؟ هل يصح قتل الناس بحجة الحريه؟ هل يصح الأفتراء على الناس وتشويه سمعتهم كذباً وارجافاً بحجة الحريه؟ هل يصح الإنقلاب على إختيار الناس بحجة الحريه؟ هل يصح الكذب والنفاق بحجة الحريه؟ هل يصح خيانة الأمانة بحجة الحريه؟

بالطبع الإجابة هي لا!، لأن الحرية لها حدودها ونطاق معين!، فحرية الحرية هي قمع وظُلم عظيم!، فأيُ أمر كان مادي أو معنوي لا يسير وفق ضابط وطريق محدد سيضيع وتعم الفوضى لاسيما بالشأن العام والتعامل مع الإنسان الآخر، والدين الإسلامي هو أول من نادى بالحرية وواجه الطغاة والمستبدين ليحرر الإنسان ويجردهُ من الطغيان بأن يعبد الله ولا يشرك معهُ احداً ويمتثل لأمر الله وبحُكمهُ كله، واذا كان الإنسان نصرانياً او يهودياً او غيرها فلهُ الأمان اذا كف شرهُ عن الإسلام والمسلمين وحكمهُ عند الله بالآخرة ولا إجبار ان يعتنق الإسلام بالدنيا.

والعلمانية بالأصل هي ردة فعل الشعب الغربي على طغيان الكنيسة الإقطاعية التي استعبدت الإنسان وصار من اهل الرق وهو منصاع الى هؤلاء الاقطاعييون جبراً وهذا قبل قرون من الزمن الى ان دخل عصر التنوير في القرن الثامن عشر الذي اندلعت فيه الثورة الفرنسية وبعدها تم تحجيم دور الكنيسة واصبحت دوراً للعبادة فقط ولا شأن لها بالحياة، وبدخول القرن التاسع عشر ظهرت العلمانية أكثر شيئا فشيئا!

إلا أن بعض العرب مُصرون على تجميل العلمانية وأنها مفتاح العيش الكريم للإنسان، فمثلاً أنظروا لكتابيّ 'وعاظ السلاطين و مهزلة العقل البشري' لـ علي الوردي ستجد ان الوردي العلمانيّ صار مفسراً وباحثاً شرعياً ويستنبط أحكام الدين ايضا، و حتى يجمل العلمانية قامَ بزرع الشكوك والسفسطة ليزعزع تماسك الإنسان المُسلم بالدين، وبعد قراءة كتابيهِ تساءلت هل الوردي مسلماً ام لا!! .. حقيقة لا أعلم ! فهو شرق وغرب وضرب الدين بالحائط!

فالتغريب والعلمانية اللذان يطالبان بالحرية دون حد او ظابط حَلا على دار المسلمين بغية إستمرار الاستعمار الذي يدمر الإنسان المُسلم ويهدم الدين، وما العلمانية الا سلاح غربي ظاهرهُ الحرية وباطنهُ ضرب وهدم للإنسان المُسلم وتجريدهُ من دينه واخلاقه، فالحرية العلمانية ليست كما يفسرها البعض بنظرة قاصرة بأنها فصل الدين عن الدولة!، بل هي فصل الدين عن الحياة وفصل الهدف والغاية عن الإنسان وتجريده بالفضاء عريان!

إن الإسلام يجمع الجميع تحت ظلهِ بالحياة حتى لغير المُسلم اذا كف شره، والعلمانية فاشية شوفينية ترى نفسها فقط وتلغي الآخر لاسيما اذا كان مُسلم، يتشدقون بإحترام الآخر 'يقصدون المسلمين بالآخر'، واذا تبوأ هذا الآخر للحُكم تم الإنقلاب عليه وإن وصل هذا الآخر عن طريق الأختيار، إنهم فاشيون شوفينيون لا يرون الا انفسهم، ويرون أنهم هُم وحدهم من يعلم حرية وكرامة الإنسان والروح الوطنية والأخلاص للدولة والناس!، والواقع يقول أنهم منافقون عنصريون فإذا تحدثوا كذبوا واذا ائتمنوا خانوا واذا خاصموا فجروا واذا وعدوا اخلفوا! وقد هلكوا الأُمة بخطابهم الديماغوغي التكسبي الذي هدفهُ ضرب الإسلام والمسلمين بالأصل ولكن يكتمون ذلك وينافقون ويظهروا بأنهم يريدون الحرية للإنسان وتحريره من الطغيان وهُم ابعد ما يكونون عن هذا!

ان حرية الحرية هلكة البَريّه!

بقلم/ صالح المزيد

الآن - رأي: صالح المزيد

تعليقات

اكتب تعليقك