عن إدمان الحسد!.. يكتب خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 595 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  تعذيب الحاسد

د. خالد عايد الجنفاوي

 

“قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ” (الفلق 1-5).
يغتم الحاسد في وقت سرورك حتى تحتبس نفسه في جسده بسبب شعوره بالكمد والحزن الشديدين لأنه يراك مبتسماً أو متفائلا أو حتى قانعاً بما لديك! يتمنى الحاسد زوال نعمة غيره ويشعر بالحسرة ويستصغر نفسه عندما يشاهد أو يرى أو يسمع عن نجاحات وإنجازات الآخرين.
يصعب إرضاء الحاسد أو مصالحته لعله يتوقف عن نميمته وتصرفاته السلبية تجاه من يحسدهم, فمن يكره الآخر حسداً وغيرة, يصعب إرضائه, وذلك لأنه لن يرضى سوى بزوال نعم الآخرين أو هلاكهم.
مشكلة مدمن الحسد أنه شخص فاشل يخفق مراراً وتكراراً في الاستفادة من تجاربه السابقة, فبدلاً من أن يتعلم من أخطائه الشخصية تراه يوجه سهام حقده وبغضه ناحية من يصورهم عقله الضيق أنهم أعداؤه أو أنداده فقط لأنهم أكثر شعوراً بالسعادة والرضى والقناعة منه أو لأنهم يتميزون عنه بإحسانهم وحسن نيتهم واستقامتهم الأخلاقية.
يميل بعض الحكماء والعقلاء الى عدم إظهار سعادتهم البالغة بأنفسهم أو بما يجري في حياتهم اليومية خشية لفت أنظار بعض الحاسدين والناقمين, فالحاسد يمتلك قرون استشعار شيطانية وأنفاً خارقاً فهو يحس ويشم السعادة والقناعة والرضا النفسي على بعد أميال, وكلما سعد وفرح الإنسان الآخر زاد الحاسد غماً وهماً وكراهية!
أعترف أنني أتمتع بالتعذيب والتنكيل بمشاعر وعواطف الحاسد, فأشعر بالسعادة في التبسم في وجه من يتطاير الحسد من عينيه ومن تنبئ نظراته أو زلات لسانه بأنه يكاد يحترق من الحسد, فأقل ما يمكن منحه للحاسد الناقم هو إشعاره أن حسده وحرقته وشعوره بالمرارة تجاه الناجحين والأسوياء ستزيد بزيادة نعمهم وثقتهم بأنفسهم وبقناعتهم. لا أعتقد أن تعذيب والتنكيل مجازياً وعاطفياً بالحاسد يعتبر جريمة ضد الإنسانية, بل أكاد أجزم أن إنزال الألم العاطفي المبرح في الحاسد بين الحين والآخر يعتبر خدمة للإنسانية, لأن ذلك سيشبع رغباته السادية, فيعاني هذا النوع من النفر من الماسوشية وهي وفق أحد المصادر: “نزعة الالتفاف حول الذات وتعذيب الذات, واستمداد السرور من كون الشخص مذنباً أو تساء معاملته.” توجد أحياناً ضرورة ووجوب ملزم أخلاقياً لتعذيب وإِثخان جراح الحاسد, بشكل مجازي بالطبع, لأنه لن يقتنع إطلاقاً بأحقية الاخرين في الشعور بالرضا وبالسعادة وبالقناعة.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك