عكس نصيحة المحبين والمحامين،

زاوية الكتاب

بن طفلة يصفح عن الصالح والغانم ولن يقاضيهما أملا بتسامح أوسع

كتب 3343 مشاهدات 0


في يناير الماضي، فوجئت باعتقالي بمطار الكويت وحجز حريتي على خلفية قضية رفعها علي وزير المالية بحكومة دولة الكويت- السيد أنس الصالح- بسبب مقال للكاتب زايد الزيد بجريدة الالكترونية التي كنت أملك حصة فيها، ورغم إنكار علاقتي بالتحقيقات بالمقال، ورغم اعتراف الزيد الشجاع بمسئوليته عن نشر المقال منفردا، فإن ذلك لم يمنع الوزير الصالح من ملاحقتي ومحاكمتي غيابيا وصدور حكم بحبسي أسبوعا دون إخطاري وعلمي بحجة عدم الاستدلال على عنواني!!

رابط متصل:

حدث بالكويت: سجين رأي لم يكن له رأي أصلا!!

وقد برأتني محكمة الاستئناف بعد ذلك، بل إن محكمة التمييز برأت الكاتب زايد الزيد من تهمة السب والقذف التي وجهها الوزير بحكومة الكويت السيد أنس الصالح لنا معا، وسقطت القضية برمتها بالبراءة بتأكيد محكمة التمييز على حرية الرأي والنقد، وليت الصالح الذي يدير كوزير للمالية 400 مليار دولار من الاستثمارات تحمل مقالا نقديا من 400 كلمة.
بعد البراءة، يأتي دور 'رد الاعتبار'، ونصيحة المحامين أنه بإمكاني مقاضاة الصالح بمحكمة الوزراء كونه وزير حالي للمالية بحكومة دولة الكويت، ومقاضاته بتهمة البلاغ الكاذب والمطالبة بتعويض مالي لما لحق بي من ضرر نتيجة ملاحقته لي وحبسي، وهو ما قدره بعض المختصين بمبالغ كبيرة، ولكني أستميح كل ناصح العذر: لن أقاضي الوزير الصالح ويكفيني من رد الاعتبار حكم البراءة المشرق والتعاطف والمساندة التي لقيتها محليا وإقليميا بل وحتى عالميا.

لكن الدافع الأهم في صفحي عن الوزير أنني من دعاة العفو والتسامح والتسامي فوق كل الآلام من أجل هذا الوطن، ولأني من المطالبين بحرية سجناء الرأي والشباب القابعين بالسجون، ومعالجة قضايا البدون بدلا من معاقبتهم بالسجن والحرمان من حقوقهم البسيطة، وبإسقاط القضايا عن المغردين ووقف نهج ملاحقة الكتاب والسياسيين، والتوقف عن إسقاط جناسي المعارضين، وفتح حوار وطني شامل يرص الصفوف الداخلية، ويشد اللحمة الوطنية، ويفتح صفحة جديدة من المراجعات التي لا تستثني أحدا- حكما وحكومة وموالين ومعارضين.

إن المرحلة جد خطيرة، والنار تشتعل من حولنا وتحيط بنا من كل جانب، والاستمرار في نهج الانتقام والملاحقة سيزيد التوتر والضغينة، ويعرض الأمن الاستراتيجي للبلاد لأخطار لا أحد يعلم مداها، والملاحقات القضائية انتقاما من الخصوم السياسيين قد تجر لعواقب لا تحمد عقباها، وكما قال عدالة المستشار محمد بن ناجي-رئيس محكمة الاستئناف ' أن ثقافة الصراخ والقوة أصبحت ظاهرة، وأن اللجوء للمحاكم أصبح للانتقام لدى الكثير'

(الرابط:

http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1043897&CatID=102

تنازلي عن حقي بعدم مقاضاة الوزير بحكومة دولة الكويت- السيد أنس الصالح- هو انسجام مع موقف شخصي عام، فلم أحرك يوما أبدا –لا بصفتي ولا بشخصي المتواضع- قضية ضد أحد تعرض لي بالضرر. وهو توافق مع مطالبتي بالتسامح والعفو إدراكا لمخاطر المرحلة والانتباه لشرورها حفاظا على هذا الوطن العزيز، ورد اعتباري يكون برد الاعتبار لوطني وللحريات والتعايش والمساواة والاستقرار ومحاربة الفساد والانتقائية والظلم والمحاباة.

إن الكويت اليوم بحاجة لمراجعات مخلصة، ولروحية وعقلية مدركة لتطورات المنطقة وإقليمها، وبالتالي فهي بحاجة لقرارات شجاعة، تتجاوز الماضي وتلج المستقبل بنمط تفكير جديد،،، وما لم يتحقق ذلك، فالقادم خطير ومخيف!!

وكل رمضان والكويت والإنسانية بخير وتسامح،،،

كتب: د.سعد بن طفلة

تعليقات

اكتب تعليقك