عن حاجات المواطن وتبرعات الحكومة! يكتب ابراهيم العوضي

زاوية الكتاب

كتب 387 مشاهدات 0


حاجات المواطن وتبرعات الحكومة!

إبراهيم أديب العوضي

مع كل خبر لمنحة أو قرض أو تسهيلات ميسرة أو تبرعات أو أي شكل آخر من العطايا والهبات تقوم بها الكويت لأي من دول العالم، فإن الملاحظة العامة التي تصاحب أي خبر هي الشجب والاستنكار والتأسي على الحال من غالبية المواطنين.

وعلى الرغم من صعوبة الحصول على رقم دقيق حول حجم التبرعات والتسهيلات التي قدمتها الكويت وذلك لاختلاف مصادرها وتواريخها ونوعها، فإننا يمكن وعلى سبيل المثال وبالرجوع إلى الموقع الإلكتروني للصندوق الكويتي للتنمية أن نعرف حجم التمويلات التي قدمها الصندوق ،لنكتشف أن الصندوق وحده قد قام بمنح 889 قرضاً لأكثر من مئة دولة وبقيمة إجمالية تصل إلى 18.3 مليار دولار! وما علينا إلا أن نقيس حجم بقية القروض والتسهيلات والتبرعات بناءً على ذلك!

ولكن السؤال المهم وبكل حيادية، لماذا كل هذا السخط والغضب الشعبي على ذلك؟

أولا، لاشك أن مستوى الخدمات الحكومية الأساسية التي تلامس المواطن بشكل مباشر قد تدنت بشكل ملحوظ ولا يطاق، وأضحى معها الاستفادة من هذه الخدمات مملة ومزعجة لشريحة كبيرة، صاحب ذلك عجز حكومي في تطوير وإنشاء خدمات ومنشآت جديدة تحاكي الواقع والتطلعات. وكان رأي الأغلب، أن الأمثل على الحكومة أن تصرف على الخدمات المقدمة لأبناء الوطن بدلاً من إنفاق هذه الأموال على الغير، فلا منشآت ولا نظام ولا موظفين ولا آليات ولا غيرها يتفق مع طموحات المواطنين.

أما السبب الثاني فيعود إلى عجز الحكومة كذلك على حل مشاكل أساسية تلامس حياة المواطن اليومية، كمعالجة قضية الإسكان وازدياد قائمة المنتظرين لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وضعف الخدمات الصحية واضطرار عدد من المرضى للعلاج بالخارج إما بسبب عدم توافر العلاج المناسب أو لغياب الثقة بالمؤسسة الصحية. هذا بالإضافة أيضا إلى تدني مستوى التعليم، ولا نحتاج إلى دليل أكبر سوى مراجعة المؤشرات العالمية وملاحظة ترتيب الكويت بين دول العالم، فلا يستحق كل ذلك، إنفاقاً واهتماماً حكومياً؟

وثالث تلك الأسباب هو غياب الوعي الحكومي في تحقيق التوازن بين السيولة المتوافرة والناتجة من الارتفاعات السابقة في أسعار النفط، وبين المخاطر المالية التي قد تواجه الدولة إما بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط أو باحتمالية اكتشاف مصادر بديلة للطاقة أو لأي سبب آخر، بالإضافة إلى ما يمكن ملاحظته من ضبابية الفكر الحكومي حول إيجاد مصادر بديلة للدخل وتعزيز للناتج المحلي بعيداً عن النفط!

وأيضا، من الصعب جدا أن تطلق الحكومة حملات منسقة ومنظمة حول مفاهيم ترشيد الإنفاق والتقشف وشد الأحزمة والبديل الاستراتيجي وغيرها، وتستمر في نفس الوقت في مثل هذه المنح والتبرعات، وكأنهم بذلك يقصدون استفزاز الشارع!

ختاما؛ وحتى أكون أكثر إنصافاً، نعلم أن هذه التبرعات هي جزء من السياسة الخارجية للدولة، وأنها قد لعبت، وبكل صراحة، دوراً كبيراً في دعم الكثير من القضايا التي تخص الكويت على الساحة الدولية، ولكن واقع الحال يقول إن الحكومة قد عجزت أيضاً على توعية وتثقيف الشارع حول أهمية ودور هذه التبرعات والتمويلات!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك