النضج والبلوغ العقلي ليسا بالأعمار!.. هذا ما يراه خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب يونيو 26, 2015, 1:08 ص 527 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / النضج والبلوغ ليست بالأعمار بل بالإدراك
د. خالد عايد الجنفاوي
ليس بالضرورة أن يدل وصول أحدهم لمرحلة عمرية متقدمة على انه سيكون لزاماً بالغاً عقلياً او عاطفياً, فثمة أشخاص لا يزالون يتكلمون ويتفاعلون مع ما يحدث حولهم بشكل قاصر ذهنياً ووجدانياً. توجد علامات وإشارات معينة تدل على بلوغ الإنسان مستويات فكرية وعاطفية مناسبة وتشير إلى أنه يمكن اعتباره فعلاً شخصاً بالغاً ورزيناً, ومنها التالي:
مواجهة حقائق الحياة والتعامل مع معطياتها ونتائجها بشكل بناء.
القدرة على التفريق بين التخيلات والأوهام والانطباعات الخاطئة وبين ما هو حقيقي.
القدرة على تحمل الضغوط النفسية الاعتيادية وتمكن الفرد من التعامل مع ما يجري خارج نفسه بشكل رزين ومعتدل وهادئ يدل على ثقة مناسبة بالنفس.
عدم الانزلاق المفاجئ نحو المماحكات الطفولية, والتعامل الجاد مع ما يجري في الحياة اليومية وقت ما يتطلب ذلك.
التخلص من النرجسية الطفولية المعتادة, واحترام حريات واختيارات وكرامات الناس الآخرين.
الترفع عن الانغماس في النعرات الضيقة, فالإنسان الناضج يعرف فساد التعنت والتعصب ويدرك تناقضها مع العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية.
رفض الانحدار السريع نحو الإسراف العاطفي, فالإنسان البالغ ينزه نفسه عن الوقوع في فخ الانفعالات العاطفية.
الإنسان البالغ, ذهنياً وعاطفياً, لا يستغرق في الضحك ولا “يكشر” فرحاً بمناسبة أو من دون مناسبة.
يمارس الحلم والروية والتريث العقلي, ويبتعد عن الاندفاع العاطفي المفرط.
يحاول إيجاد أدلة وبراهين شبه مؤكدة أثناء سعيه إلى تكوين انطباعات معينة حول ما يحدث في العالم الخارجي.
لا يشعر العاقل الناضج انه أقل شأناً من الآخرين, فهو يعرف قيمة نفسه ويحترم كيانه وكرامته الإنسانية.
أعتقد أن النضج والبلوغ العقلي ليسا بالأعمار, بل بالإدراك, فربما يوجد مثلاً طفل لا يتجاوز عمره عشر سنوات يدرك ما يجري حوله بشكل منطقي, وربما يوجد أيضاً رجل بلغ أشده, ولكنه لا يزال منغمساً في إفراطه العاطفي الطفولي وعاجزاً عن إدراك ما يجري حوله بشكل صحيح.
قال الشاعر البليغ: ” يُعدُّ رفيع القوم من كان عاقلاً
وإن لم يكن في قومه بحسيب
وإن حلَّ أرضاً عاش فيها بعقله
وما عاقل في بلدةٍ بغريب”!
الرجولة الحقيقية ترتكز على النضح العقلي والعاطفي وتتمثل غالباً في اعتناق استقامة أخلاقية نزيهة وإظهار لقدرة مناسبة في السيطرة على الانفعالات النفسية أثناء مرور المرء في تحديات ومشكلات صعبة, فجانب من النضج العقلي هو أن يبقى الفرد متسامحاً وسط بيئة تمتلئ بعدم التسامح.
تعليقات