الوسطية تتناقض مع الوصاية الأخلاقية!.. برأي خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 453 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  الوسطية تتناقض مع الوصاية الأخلاقية

د. خالد عايد الجنفاوي


تشير بعض المصادر إلى أن الوسطية تشتمل على فضائل العدالة والتفكير العقلاني والمعتدل والمتسامح, والتعاون البناء بين أعضاء المجتمع الواحد لتكريس التسامح فيما بينهم وفي علاقتهم مع العالم الخارجي. وبالطبع, تدل الوسطية أيضاً على أن خير الأمور أوسطها, وأكثرها اتزانا وعقلانية وتسامحاً وربما أكثرها إرضاءً لكل الأطراف, فما يكون امراً او حلاً او مبدأً وسطياً ليس بالضرورة أن يرضي الجميع, ولكنه سيحقق أغلب رغباتهم, لأنه سيمنحهم القدرة على التعايش السلمي والمثمر مع من يشاركونهم نفس التجارب الإنسانية والتراث الأخلاقي والديني والثقافي…. الخ. نقيض الوسطية التطرف والغلو ومحاولة فرض الوصاية الأخلاقية على الآخرين, فمن يقبل الوسطية حري به ألا يتدخل في الشؤون الخاصة للآخرين, ولا يحاول فرض وصايته الفكرية والأخلاقية عليهم, فالوسطية, بشكل أو بآخر تعزز, الحريات الشخصية وتكافح التفكير الأحادي والغلو والتشدد الفكري بناءً على رؤية تاريخية, تؤكد أن الدين الإسلامي الحنيف هو دين التسامح والمحبة والألفة بين المسلمين أنفسهم وبين العالم الخارجي.
أعتقد أن الوسطية, كفكر تسامحي وكمجموعة مبادئ أخلاقية إيجابية وكنظرة معتدلة وعقلانية تجاه ما يجري في البيئة المحلية والعالم الخارجي, تتناقض بشكل واضح مع الوصاية الأخلاقية القسرية, فلا يمكن أن يستمر أحدهم يحاول فرض وجهات نظره الشخصية على من هم حول, أو يحاول تجريدهم من قيمتهم الوطنية أو الإنسانية فقط لأنهم مختلفون عنه أو يعتنقون وجهات نظر مختلفة عنه. تدعو الوسطية الحقيقية إلى مكافحة كل أنواع الغلو والتطرف والتشدد والتعنت الايديولوجي والفكري والإقصاء لأن الوسطية تهدف إلى تكريس الوحدة الوطنية وتعزيز الحريات وحرية الرأي والتعبير المسؤولة.
لا يمكن, في أي حال من الأحوال, أن يستعمل أحدهم شعارات الوسطية لفرض وجهات نظره الحزبية الضيقة على من يختلفون معه أو يختلفون عنه, فمن يقبل الوسطية يقبل, تباعاً, حقيقة أن التعددية العرقية والدينية والمذهبية هي السمة الرئيسة في المجتمع المتسامح. لا يحق لي كفرد عادي أن أحاول فرض وصايتي الأخلاقية على الآخرين, وفي نفس الوقت أستمر أزعم أنني أدعو للوسطية! يوجد فرق واضح بين لبس أقنعة الوسطية بشكل موقت ومصلحي, وبين الوسطية الحقيقية, فمن هو وسطي ومتسامح قولاً وفعلاً عليه أن يصلح نفسه أولاً, ويحرر عقله من كراهية الآخر المختلف, فالوسطي متسامح ومنصف في حياته الخاصة ولا يحاول فرض وصايته الأخلاقية على الآخرين.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك