ومن هنا يبدأ التغيير - يكتب مشعان البراق

زاوية الكتاب

كتب 1300 مشاهدات 0


بسم الله الذي حرّم الظُلم على نفسه وجعله بين الناس مُحرّما ، والصلاة والسلام على رسول الله الذي فرض العدل في كُل شيء ومع وبين وعلى كل الناس .

بدأنا حِراكنا رفضاً لنهج سيء وإعتراضاً على وضع سيء ، ولم نبدأ حِراكنا لأن فُلاناً رفض وفُلاناً إعترض ، بدأنا حِراكنا لنُغيّر ما كُنّـا وما زلنا وسنظلّ عليه إن لم نعرف لماذا وكيف ولأي حالٍ نُغيّر ، أغلب الشعب وهذا إن لم يكُن كُل الشعب يُريد التغيير ، ولكن الأخطاء التي وقعنا كمُعارضين إصلاحيين بها وما زلنا نقع بها دون تصحيحها هي التي أوقفتنا ، بل أنّها أرجعتنا خطوات إلى الوراء وأصبح الحال أسوأ من قبل .

ويجب أن نعلم نحن من نعتبر أنفُسنا ( مُعارضين إصلاحيين ) أن جمود الحِراك الوطني والتراجع نحن السبب فيه ، لأن التحرّك مسؤوليتنا نحن الذين بدأنا به وأعلنّا تحمّل أمانة إيصال مركب التغيير للأهداف المنشودة ، وتراخينا وأخطاءنا المُتكرّرة سبب الشلل والتخلّف الذي أصابنا .

نُطالب بديموقراطية لا نعرف كيف نُحقّقها ، ولن نُحقّقها ونحن لا نعرف ما هي ، نحن من نُخوّن ونُشكّك ببعضنا إذا إختلفنا في بعض المسائل ، نحن من لا نسمع إلا رأينا ونرفض الإستماع لرأي من نختلف معه ، نحن من نُؤمن بفكرة ونقمع جميع الأفكار التي تختلف عن فكرتنا ، نحن من نُطالب بحُرّيتنا وتقييد حرّية من يختلف معنا ، نحن !؟ لن نستطيع أن نُحقّق الديموقراطية التي أساسها نسف كُل ما نحن عليه .

نُطالب بإسقاط مُنظمة فساد تأسّست منذُ سنوات طويلة وتمكّنت من السيطرة على الدولة بإحكام ، نُطالب بإسقاط هذه السنوات الطويلة بيوم واحد أو بعِدّة أيام ! هكذا ومن دون تضحيات ! نعم ، نحن نُريد تحقيق هذه المُعجزة ، ولن نستطيع أن نُحقّقها .

دفع الكثير منّـا ثمن ، من سُجن ومن ضُرب ومن يُلاحق بقضايا مُعلّبة إلى الآن ومن سُحبت جنسيّته ومن نُفيَ من وطنه ومن هاجر ومن قُطع رزقه ومن تعطّلت دراسته ومن توقّفت ترقياته المُستحقّه أو تعيينه ، دفعوا ثمناً ليدفعوا بعجلة التغيير التي أوقفناها لنلطم على حالنا ! للأسف .

من تعرّضوا لكُل ما سبق ، كانوا يُريدون بتصدّرهم في مُواجهة السُلطة أن يُمهدّون الطريق ليستمر الحِراك نحو تحقيق الأهداف التي جميعنا نُطالب بها ، وليس ليقف عند المُطالبة بحرّية هذا وبعودة جنسية هذا وبالسماح لهذا بالعودة إلى وطنه ولإرجاع هذا لوظيفته ولإستمرار هذا بدراسته ولإعطاء هذا حقّه بالتعيين أو بالترقية ، وننسى أو نترك قضيّتنا الرئيسية ، تضحياتهم الغالية كانت لدفعنا نحو الأمام ، نحو التغيير الذي سيُعيد لكُل هؤلاء حقوقهم ويسمح لجميع الناس بمُمارسة حقوقهم المُحاطة بأسلاك السُلطة القمعية .

التغيير يحتاج للتضحة التي آمن من قدّمها بأنّها ثمناً للتغيير الذي سيخلق لهذا الوطن وشعبه مُستقبلاً جميلاً .

التغيير يحتاج من الجميع نزع ( حُب الإنتصار والتسيّد على الكل ) ، يجب أن لا تستمر فئة أو تيّار بالبحث عن النصر والتسيّد على البقية وحصد البطولات وكسب المدح والثناء ، ويجب أن لا نعمل بشكل فردي ومن يُقابلنا مُجتمع على قمعنا ، الوطن للجميع وللجميع فيه لهم حقوق وعليهم واجبات ( مُتساوون ) ، ليس لأحدٍ أفضلية على أحد ولا لفئة على فئة ، فالإختلاف الفكري والعقائدي وغيره من الإختلافات لا يضع أحد فوق أحد أو فئة فوق فئة ولا يجعل طرف وطنياً أكثر من الآخر .

التغيير يحتاج لا أن نُراقب بعضنا لنشمت بسقوط هذا ونفرح بإنكسار هذا ونبحث عن أي أمر للتشكيك والتخوين بهذا وذاك ، فخصمنا هي الكُتلة الفاسدة في الدولة وليس أشخاص ، ويجب أن لا نخلق خصومة مع بعضنا تستفيد منها السُلطة .

التغيير يحتاج لخطّة تحرّك تحكمها فكرة واحدة وهي فكرة بناء وطن جميل للجميع ، فكرة مُوحّدة تكون الأساس ، والبُنيان إذا كان أساسه سليماً بفكرة تجمع الكُل ، لن يكون إلا جميلاً وإن لم يكُن على الشكل الذي كان هذا يُفكّر فيه أو ذاك ، الإيمان بفكرة لا يستطيع أي نظام على وجه الأرض قتلها أو سجنها هو الذي سيُحقّق لنا التغيير ، وليس الإيمان بأشخاص زائلون يستطيع أي نظام أن يوقفهم ليوقف تحرّكنا ، أشخاص لا يستطيعون أن يحوون الجميع كما هي الفكرة التي وإن كانت صغيرة ، فهي تسع الكُل .

ومع هذا كلّه ، يحتاج التغيير للإرادة فـ'حيث يكون هناك إرادة فهناك وسيلة - لينين' ، فعندما تنعدم الإرادة ف التغيير لن نجد الوسائل التي توصلنا للتغيير أبداً ، ونحتاج للثقة بالنفس ، وعدم اليأس ، فإذا كُنّـا واثقين من أنفُسنا ستكون عندنا قوّة إرادة ، ولن تستطيع قوّة مهما بلغت أن تردعنا ، ويجب أن لا نستبدل ( الخروج مُنتصرين ) بـ( الخروج بأقل الخسائر ) ، يجب أن ( نكون اللّي نبي ) أو ( ما نكون ) ، ويجب أن نتحلّى بالصبر والإصرار لنُحقّق ما نُريد .

إن آمنّـا بكُل ما يحتاجه التغيير سنُحقّق التغيير ، رُغماً عن أنف أقوى الأنظمة في العالم ، ولن يستطيع أيّـاً كان أن يقف أمامنا .

بدأنا حِراكنا كأي حِراك أو ثورة في العالم ، بدأنا من أجل التغيير للأفضل ، وليس من أجل فُلان وفُلان لنوقف حِراكنا لأن فُلاناً دخل السجن أو فُلاناً تخاذل أو فُلاناً هاجر أو فُلاناً خان ، بدأنا للتغيير ولذلك سنستمر معهم أو من دونهم ، بدأنا بفكرة وبها نحن مُستمرّون ، ولن نقف حتّى نُحقّق ما بدأنا به ، أو يأتي بعدنا من يُحقّقه ، ومن بعد ذلك يأتي من يُطوّر ويجعل من التغيير للأفضل نهجاً مُستمرّاً لا يقف .

ختاماً / لا يستطيع أن يقوم بتغيير وضع وحال دولة وشعب من لا يستطيع أن يقوم بتغيير نفسه عبر إكتشافه ما يُريد بالوصول لفكر يُثبّت بداخله مبادئ يكون على إستعداد أن يُضحّي بكُل شيء في سبيل التمسّك بها ، ولا يكون ذلك إلا بالقراءة والإطّلاع والإعتبار من التاريخ ومن كُل ما فيه عبره يستفيد منها إيجابياً ، فالقراءة تُفتّح العقل ، فإنَّ تحوّلنا من ( أُمّـة إقرأ ) إلى ( أُمّـة إسمع ) هو ما جعلنا مُتخلّفون والأُمم من حولنا في تقدّم ، والقطار لم يفُت بعْد ، وما زلنا قادرين على أن نُثبت بأنّنا فعلاً ( خير أُمّـةٍ بين الأُمم ) ، فلنسعى لذلك .

الآن - رأي / مشعان البراق

تعليقات

اكتب تعليقك