زايد الزيد عن #البطة_المطبوخة :

زاوية الكتاب

أخشى أن تنطبق على حالنا قصة عبدالله بن عمر بن الخطاب مع العراقي الذي سأله عن دم البعوض

كتب 6248 مشاهدات 0


استكمالا لحديثنا في المقال السابق عن قضية البطة المطبوخة والتي أشغلت السلطة إلى درجة انها تعهدت على لسان مسؤول كبير في وزارة الداخلية عن شروعها في ملاحقة الفاعلين وتتبعهم وضبطهم تمهيدا لمحاكمتهم، تحت ذريعة الإساءة إلى الكويت في الداخل والخارج، نعود لنواصل حديثنا اليوم، عن هذه القضية التي كشفت جانبا كبيرا وواسعا من تناقضات السلطة في تعاملها مع مختلف القضايا بالمقارنة مع قضية «البطة المطبوخة»، ومن يسمع أو يقرأ عن تلك الإجراءات يعتقد أن البلد أصبح خالياً من أي قضية مصيرية وانتهت جميع مشاكلنا لنلاحق متهماً بقضية تافهة دارت أحداثها خارج البلاد.

فالحديث عن اهتمام السلطة بايقاف من يحاول الإساءة للبلد سواء في الداخل أو الخارج يجرنا مجبرين إلى الحديث واستذكار قضايا كبرى عديدة تجاهلتها السلطة مثل عدد من السرقات التي تتعلق بالتطاول على المال العام وانتهاكات حقوق الانسان بملاحقة أصحاب الرأي، تلك القضايا مجتمعة تدعونا فعلا للتساؤل: ألا تعتبر إساءة بالغة للبلد؟ فهل نست السلطة جريمة طوارئ كهرباء 2007 ومولداتها «السكراب»، وسرقات وتجاوزات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وجريمة محطة مشرف، وقضايا عدة من الفساد المالي في وزارة الدفاع، ومثلها في هيئة الاستثمار، واكثر منها في وزارة الكهرباء وكذلك في الأشغال، أما البلدية فهي أم الفضائح المالية وفسادها فعلا «ما تشيله بعارين» كما قال عنها سمو الأمير، ويكفي ان نعرف ان مئات الملايين ضاعت على الدولة بسبب «تراخي» الادارة القانونية في البلدية عن متابعة قضايا تتعلق بالاراضي وادعاءاتها، تلك القضايا مجتمعة تدعونا فعلا للتساؤل: ألا تشكل إساءة بالغة للبلد وأهله ونظامه؟!
ان مثالا بسيطا سأورده يكشف لنا حجم تلك التناقضات، فقضية الحصى المتطاير الذي أتلف السيارات قبل نحو سنتين بسبب هطول امطار عادية تعتبر فضيحة بكل المقاييس، فهذه الفضيحة تحدث عنها الكل لأن الكل تضرر منها، بل حتى الحكومة ووزارة الاشغال أكدوا جميعا انهم سيحاسبون المتسبب، ولكن مع نسيان الناس للفضيحة لم يُحاسب المقاول المنفذ كما لم يُحاسب المسؤولون والمهندسون في «الأشغال» لأنهم مرّروا هذه الجريمة وهم يعلمون ان المقاول لم ينفذ أعماله حسب المواصفات المطلوبة ! ألا تعلم السلطة ان هذه الفضيحة شهدها كل من يسكن البلد من مواطنين ومقيمين؟ ألا تعلم ان كل البعثات الدبلوماسية المتواجدة في البلد عانى أفرادها من هذه الفضيحة ومن المؤكد انهم نقلوا لسلطات دولهم تفاصيل هذه الفضيحة؟ ألا تعتبر هذه الفضيحة اساءة بالغة للكويت في الداخل والخارج؟ ولكن كالعادة مرت كغيرها من الفضائح والسرقات من دون رقيب ولا حسيب!
أما الملف الانساني المتعلق بتضييع حقوق «الكويتيين البدون» وملاحقة أصحاب الرأي والمعارضة فحدّث ولا حرج، لقد أصبح ملفا متخما وينذر بالانفجار، فهو بات محرجا لنا ولسمعتنا كدولة خصوصا الكويت عرفت دوما بأنها افضل دول الاقليم في مجال الحريات العامة، فلماذا لم تتحسس السلطة من اثارة هذا الملف في الخارج وتقوم بمعالجة اختلالاته على الرغم من اهتمام كل مؤسسات الدول المتقدمة فيه سواء كانت مؤسساتها الاهلية كالمنظمات الحقوقية او مؤسساتها الرسمية كالبرلمانات والحكومات؟
والعجب ان نترك كل الفضائح التي ذكرنا وغيرها، وننشغل كدولة وشعب بقضية «البطة المطبوخة»! ويبدو ان حالنا قد اقتربت جدا من قصة شخص من اهل العراق قصد عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ليسأله عن حكم دم البعوض وقد وقع على ثوبه، هل يعتبر من النجاسة؟ فقال عبدالله بن عمر لمن كانوا حوله : انظروا الى هذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! أخشى ان يكون حالنا كحال هذا السائل الذي ارتكب وقومه احدى الكبائر، من دون ان يرف لهم جفن، بينما يستفتي عن أمر من أصغر الصغائر!

http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=580315&date=10082015

الآن - النهار

تعليقات

اكتب تعليقك