لن يصدأ عقل يغربل ويُنَقِّي نفسه تلقائياً من الشوائب!.. بنظر خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب أغسطس 13, 2015, 12:52 ص 458 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / حرية التفكير أهم من حرية الكلام
د. خالد عايد الجنفاوي
يوجد فرق بين من يسعى الى امتلاك حرية التفكير وبين من تكفيه حرية الكلام, فالأول يرغب في الحصول على أفضل أنواع الحرية وأرسخها تأصلاً, بينما الآخر يسعى خلف ما هو مجاني أصلاً ومتاح للجميع! حري بالإنسان الجاد أن يسعى دائماً الى نيل حرية التفكير حتى يتمكن باستمرار من كسر أغلال الظلام والجهل وللتخلص من سطوة الخزعبلات والحقائق المفبركة التي تختلقها عقول الآخرين, فمن يحوز حرية التفكير لن يقلق كثيراً حول حتمية حصوله لاحقاً على عوائدها وامتيازاتها المتوقعة, فحرية الرأي والتعبير وحرية الاختيار, تنبع أساساً من امتلاك الفرد الحر والمستقل الحرية في التفكير الحر حول نفسه وحول ما يدور ويحدث حوله.
لا أعتقد أنني أبالغ في هذا المقام إذا أكدت أن من يطالب بحرية الكلام فقط من دون غيرها كأنه يؤكد مقولة “وين أذنك يا جحا,” فيتغافل البعض بارادته عن التصريح بالحرية الحقيقية التي حري بهم أن يسعوا لنيلها (حرية التفكير).
قال جان جاك روسو, الفيلسوف المشهور, ان الانسان ولد حراً, وهو يَرْسُفُ بالقيود في كل مكان! تقع بعض العقول الإنسانية وبإرادتها ضحية لسجن ذاتي, فتوجد ضرورة كونية في عالم اليوم المتغير لبدء عملية إطلاق سراح العقل من قِبَلِ الفرد نفسه, فيحرر آلياته الفكرية من القيود والمخاوف المتكلفة ويعيد التفكير في فرضياته النمطية حول العالم الخارجي. يسجن البعض عقولهم باختيارهم عن طريق تصديقهم لافتراضات فكرية لم تعد تسندها دلائل منطقيه أو براهين واضحة, فيستمر سجين تفكيره الضيق يقيد عقله الحر فطرياً وفق نمط آمن يبدو يألفه, ولا يبدو انه يريد تجاوزه مخافة مواجهة ما يجهله! الإنسان يخاف ما يجهل, وبخاصة ما يتعارض مع طرق تفكير معتادة تكيف عليها ولا يريد الفكاك منها. الانسان العقلاني والحكيم هو من يدرب نفسه على تحرير عقله وإطلاق سراحه من طرق التفكير البالية التي لا تلائم العصر وبخاصة نماذج التفكير المعوجة, التي أثبتت التجارب أنها ترتكز على مخاوف وتشويهات وانطباعات مزيفة. الدعوة لإطلاق سراح العقل تشابه في قيمتها المعنوية والذهنية تحرير الجسد من الأغلال الثقيلة والخروج من صندوق التفكير المغلق.
نيل حرية التفكير يبدأ بتشظية الأفكار والانطباعات السابقة وطرح الإنسان مزيداً من الأسئلة على نفسه: كيف أفكر? ولماذا أفكر بهذه الطريقة? لن يصدأ عقل يغربل ويُنَقِّي نفسه تلقائياً من الشوائب ويتوقف بين الحين والآخر عن المحاكاة المملة لعقول الآخرين.
تعليقات