قانون المصالحة الوطنية التونسي!.. بقلم فوزية أبل

زاوية الكتاب

كتب 633 مشاهدات 0


القبس

جدل قانون 'المصالحة' في تونس

فوزية أبل

 

هناك معركة سياسية جديدة تلوح بالأفق في تونس، التي تعيش مرحلة انتقالية، انطلاقا من مشروع قانون قدمه الرئيس الباجي قايد السبسي إلى البرلمان، تحت عنوان «قانون المصالحة الوطنية»، في المجالين الاقتصادي والمالي، لا يزال يثير جدلاً على الصعيدين السياسي والشعبي، وعلى مستوى الأحزاب السياسية، سواء كانت في الحكم أو في المعارضة أو «بين بين».
المشروع يتلخص بتحقيق مصالحة مع رجال الأعمال وموظفي الدولة المتورطين في الفساد منذ حكم الرئيس زين العابدين بن علي، وحتى في زمن الرئيس الحبيب بورقيبة. إنه يؤدي، إذا صح التعبير، إلى طي صفحة الماضي سعياً للاستفادة الاقتصادية من كبار رجال الأعمال المشار إليهم، وبالتالي التوجه الى إقامة مشاريع تنموية متعددة الأوجه.
مشروع القانون يثير جدلاً بالغ الحدة، ونواب المعارضة أخذوا يهددون بالنزول إلى الشارع مطالبين بسحبه، معتبرين أنه بمنزلة إعادة إنتاج لمنظومة الفساد، التي كانت تنخر البلد وتبدد ثرواته وقدراته. ووصل الأمر ببعض قوى المعارضة إلى حد اتهام قايد السبسي بطرح مشروع القانون وفاء بوعوده إلى الرجال، الذين سبق أن مولوا حملته الانتخابية للرئاسة، معتبرين ذلك تجاوزا للدستور.
هناك من يعتبر، في أوساط المعارضة، أن ما يجري هو تشويه لمسار العدالة الانتقالية تحت ستار العمل لإيجاد عدالة اقتصادية ومالية.
أما قوى الموالاة ومستشارو الرئيس فيدافعون عن مشروع القانون، باعتبار أنه سوف يتيح للدولة استرجاع أموالها، وأنه لا يمس بالعدالة الانتقالية، بل على العكس تماما، فهو يهدف إلى التسريع في تقدمها وترسيخها.. ويرد المعارضون على هذا التفسير بالقول: في حال إصدار هذا القانون سيكون هناك مشهد سياسي يتنافى مع مفهوم الثورة، التي كانت في مستهل «الربيع العربي»، وأن مؤسسات الدولة ستكون في خطر، إذا تمت تبرئة رموز الفساد.
أما قول مناصري الرئيس ان القانون سيكون له دوره الفاعل في بناء المصالحة الوطنية أيضا، فيرد عليه المعارضون ان المصالحة التي تبنى على الفساد المالي والاقتصادي، ستتحول إلى تهميش لمقومات الإصلاح في مفهومه الأشمل.
في كل حال، فإن مشروع القانون سيكون منطلقاً لمعركة متعددة الأوجه، وهناك نوع من المدّ والجزر بين مؤيد ورافض، وسيكون للشارع التونسي وقفة ورأي مؤثر في هذا المجال.
أما حركة النهضة الإسلامية (التي كانت قد سيطرت على السلطة قبل أعوام، قبل أن تتخلى عنها لمصلحة العملية الديموقراطية)، فإن موقفها الآن يتميز بعدم الوضوح، فلا رفض للمشروع ولا مساندة، وربما تقوم بمناورة يهدف كسب الوقت وإعادة بناء علاقتها مع حزب «نداء تونس» المناصر لقايد السبسي، والمؤيد للمشروع بالطبع.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك