الرثاء بين الأزواج.. قصص تاريخية
محليات وبرلمانلَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً ... بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي
سبتمبر 18, 2015, 2:44 ص 6506 مشاهدات 0
للوفاء بين الأزواج أشكال مختلفة، ولعل أبرز ما يعبر عن المشاعر كلمات صادقة تخرج من القلب، تبرزها قصائد صادقة ومعبرة، اخترنا منها قصائد الرثاء:
هذه القصيدة لأمرأة كانت مريضة فقالت لزوجها الذي فرح بخروجها من المستشفى:
ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺬﺑﺎﻳﺢ ﻭﺍﻫﻠﻬﺎ ﻣﺎﺗﺴﻠﻴﻨﻲ.. ﺍﻧﺎ ﺍﺩﺭﻱ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻻﻳﻤﻜﻦ ﻋﻼﺟﻪ
ﺍﺩﺭﻱ ﺗﺒﻲ ﺭﺍﺣﺘﻲ ﻳﺎﺑﻌﺪ ﻋﻴﻨﻲ.. ﺣﺮﺍﻡ ﻣﺎﻗﺼﺮﺕ ﺍﻳﺪﻳﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﻪ
ﺍﺧﺬ ﻭﺻﺎﺗﻲ ﻭﺍﻣﺎﻧﻪ ﻻﺗﺒﻜﻴﻨﻲ.. ﻟﻮﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺧﺎﻃﺮﻥ ﻣﺎﻭﺩﻱ ﺍﺯﻋﺎﺟﻪ
ﺍﺑﻴﻚ ﻓﻲ ﺍﻳﺪﻳﻨﻚ ﺗﺸﻬﺪﻧﻲ ﻭﺗﺴﻘﻴﻨﻲ.. ﻭﺩﺍﻋﺘﻚ ﻻﻳﺠﻲ ﺟﺴﻤﻲ ﺑﺜﻼﺟﺔ
ﻟﻒ ﺍﻟﻜﻔﻦ ﻓﻲ ﺍﻳﺪﻳﻚ ﻭضﻒ ﺭﺟﻠﻴﻨﻲ.. ﻣﺎﻏﻴﺮﻙ ﺍﺣﺪﻥ ﻛﺸﻒ ﺣﺴﻨﺎﻩ ﻭﺣﺮﺍﺟﻪ
ﺍﺑﻴﻚ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﺗﺬﻛﺮﻧﻲ ﻭﺗﻄﺮﻳﻨﻲ.. ﻳﺠﻴﺮﻧﻲ ﺧﺎﻟﻘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻭﻫﺎﺟﻪ
ﺳﺎﻣﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻲ ﺟﺮﻯ ﻣﺎﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻲ.. ﺍﻳﺎﻡ ﺍﻣﺸﻲ ﻋﺪﻝ ﻭﺍﻳﺎﻡ ﻣﻨﻌﺎﺟﻪ
ﺍﻋﻴﺎﻟﻲ ﻫﻤﻲ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﻟﻠﻲ ﻓﻲ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ.. ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻭﻣﻨﻬﺎﺟﻪ
فقام زوجها وكتب قصيدة يرثيها بعد وفاتها:
ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻧﺎﻡ ﻭﺣﺎﺭﺑﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ.. ﻭﺟﺮﻳﺖ ﺻﻮﺕ ﻣﺜﻞ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺬﻳﺎﺑﻪ
ﻭﺍﻟﺠﻔﻦ ﻛﻨﻪ ﺻﺎﻳﺮ ﻭﺳﻄﻪ ﻫﺰﻭﻡ.. ودموع ﻋﻴﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﺭﺵ ﺍﻟﺴﺤﺎﺑﻪ
ﻋﻠﻰ ﻭﻟﻴﻒِِ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺮﺣﻮﻡ.. ﺭﺍﺡ ﻭﺗﻮﻓﻰ ﻣﺎ ﺗﻬﻨﻰ ﻓﻲ ﺷﺒﺎبه
ﺯﺭﺕ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺭﺳﻮﻡ.. ﺣﻄﻴﺖ ﺭﺳﻢِِ ﻓﻮﻕ ﺫﻳﻚ ﺍﻟﻨﺼﺎﺑﻪ
ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻴﻞ ﻭﻣﺮﺳﻮﻡ.. ﺍﻟﻮﺳﻢ ﺗﻮﻩ ﻋﻘﺐ ﺧﻂ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻪ
أﺣﺒﻬﺎ ﻣﻴﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺻﺎﺭ ﻣﻘﺴﻮﻡ.. ﻭﻳﺤﺒﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺑﻪ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻭﺃﻭﺩﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﺴﻠﻮﻡ.. ﺟﺮﺡ ﻋﻤﻴﻖِِ ﻣﺎ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺻﻮﺍﺑﻪ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﺧﺬ ﺷﺠﻌﺎﻥ ﻭﺭﺧﻮﻡ ﻭﺃﻗﺮﻭﻡ.. ﻭﺃﺧﺬ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ واهل بيته ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻪ
قصيدة أمينة قطب في رثاء زوجها:
ما عدت أنتظر الرجوع ولا مواعيد المساء
ما عدت أحفل بالقطار يعود موفور الرجاء
ما عدت أنتظر المجيء أو الحديث ولا اللقاء
ما عدت أَرْقُب وقع خطوك مقبلاً بعد انتهاء
وأضيء نور السُلَّمِ المشتاق يسعد بارتقاء
ما عدت أهرع حين تقبل باسمًا رغم العناء
ويضيء بيتي بالتحيات المشعة بالبهاء
وتعيد تعداد الدقائق كيف وافانا المساء؟
وينام جفني مطمئنًا لا يؤرقه بلاء
ما عاد يطرق مسمعي في الصبح صوتك في دعاء
ما عاد يرهف مسمعي صوت المؤذن في الفضاء
وأسائل الدنيا: ألا من سامع مني نداء؟
أتراه ذاك الشوق للجنات أو حب السماء؟
أتراه ذاك الوعد عند الله؟ هل حان الوفاء؟
فمضيت كالمشتاق كالولهان حبًا للنداء؟
وهل التقيت هناك بالأحباب؟ ما لون اللقاء؟
في حضرة الديان في الفردوس في فيض العطاء؟
أبدار حق قد تجمعتم بأمن واحتماء؟
إن كان ذاك فمرحبًا بالموت مرحى بالدماء
ولسوف ألقاكم هناك وتختفي دار الشقاء
ولسوف ألقاكم أجل. وعد يصدقه الوفاء
ونثاب أيامًا قضيناها دموعًا وابتلاء
وسنحتمي بالخلد لا نخشى فراقًا أو فناء
الفارس نمر بن عدوان رثى زوجته وضحه بقصيدة لايزال صداها يتردد الى يومنا هذا يقول فيها:
الــبــارحـه يـوم الـخـلايـق نــيــــــامـــــا &&& بـيــّـحـت مــن كـثـر الــبـــكـى كـل مـكـنـون
قـمـت أتــوجـــّــد وأنـثـر الـمــا عــلى ما &&& مـن فــوق عــيــنـي دمـــــعـهــا كان مخزون
ولـي ونـــة ٍ مــن ســمــعـــَـهـا مـا يـناما &&& كــنـي صـويــب ٍ بــيـــــن الأضلاع مطعون
و إلا كــمــــا ونـة كـسـيـر الســــْـلامــــا &&& خــلـــّـــوه ربـعـه لـلــــمـعـــاديــن مـديـــون
فــي ســاعـــة ٍ قـــل الــرجــا والــمـحاما &&& فــيــمــا يــطــالــع يــــومـهــم عـنـه يـقـفون
و إلا فــونــة راعــبـيّ الـــحــــمــــامـــا &&& غــاد ٍ ذكــرهــا والــــقـوانـيـــص يــرمـون
تــســمــع لــهــا بـيـن الـجـرايـد حــطامـا &&& مــن نـوحــهـا تـــــدع ِ الـمـوالـيــف يـبكون
و إلا خــلــوج ٍ سـابــة ٍ لــلـــهــيــــامــــا &&& عـلى حـوار ٍ ضــايـــع ٍ فـي ضـحى الـكون
و إلا حـــوار ٍ مـشــْـيـــِــقــوا لـه شـمـاما &&& وهــي تـطـالــع يـــــوم جـــرّوه بـــعـــيـون
يــردون مــثــلـه والـضـوامـي صــيـــاما &&& تــرزّمــوا مـعـــهــــا وقـــامــوا يـحـنـــّـون
و إلا رضــيــع ٍ جــرّعــوه الــفـــطــامــا &&& أمــه غــدت قــبــــل أربـعــيــنــه يــتـمـّون
عـلـيـك يـالـلـي شـربـت كـاس الـمـحــاما &&& صـــرف ٍ بـــتـــــقــديــر ٍ مـن الله مـــاذون
جــاه الــقــضـا مـن بـعـد شـهـر الـصياما &&& صـــافـي الــجـبـيــن بـثـانـي الـعـيد مدفون
كـســـوه مـن عـرض الخـرق ثـوب خـاما &&& و قـامـوا عـلـيـه مـن الـتـرايـب يـهـلــّــون
راحــوا بـهــا حــروة صـــلاة الـيــِـمــامـا &&& عــنـــد الــدفـــن قــامــوا لــهـا الله يدعون
بــرضــاه والـجـنــه وحـسـن الـخـتـامـــــا &&& ودمــوع عــيــنــي فـوق خــدي يـهلــّــون
حــطــّــوه فـي قـبـر ٍ عـســاه الــهــيــامــا &&& فـي مــهــمـة ٍ مــن عــد الأموات مـسكون
يـــا حـفـرة ٍ يـسـقـي ثـراك الـغـمـامـــــــا &&& مــزن ٍ مــن الـرحـمـه عـلـيـهـا يـصبــّـون
جــعـل الـبـخــَـتـري والـنـفـل والـخـزامى &&& يــنـــبــت عــلى قـبـــر ٍ هـو فــيـه مـدفون
مــرحــوم يـالـلـي مـا مـشـى بـالـمـلامــــا &&& جـــيـــران بــيــتــه راح مــا مـنـه يشكون
وا وســع عـذري وان هــجــرت الـمـنـاما &&& ورافــقــت مـن عـقـب الـعـقـل كل مجنون
أخــذت انــا ويـــّــاه سـبـعـة عــــــوامـــا &&& مـــع مــثــلــهــن فـي كـيـفـة ٍ مـا لـها لون
والله كــنـهـا يـا عـرب صـرف عـــــامـــا &&& يـــا عــونـة الله صــرف الأيـــام وشـلون؟
و أكــبــر هـمـومـي مـن بـزور ٍ يــتـــامـا &&& و إن شــفــتــهــم قـدام وجـهـي يـبـكــّــون
و ان قــلــت لا تـبــكـون قـــالــوا عـلاما؟ &&& نــبــكـي ويــبــكـي مــثــلــنــا كل محزون
قــلـت الـسـبـب تـبـكـون؟ قـالـوا يــتــــاما &&& قــلــت الـيـتــيـم أيــاي وانـتـم تـســجــّـون
مــع الـبــزور وكـل جــرح ٍ يــــلامـــــــا &&& إلا جــروح بـخـاطــري مــا يــطــيــبــون
جــرحــي عـمـيــق ٍ مـثـل كـسـر الـسلاما &&& الــى مــكـَـن.. عـنـه الأطـبــــّـا يعجزون
قــمـت اتـشــكـــّـى عـنــد ربـع ٍ عــــذامـا &&& جـــونــي عـلــى فــرقـا خـلـيـلــي يـعزّون
قــالـوا تـجـوّز وانـس لامــه بـــــلامــــــا &&& بـعـض الـعـذارى عــن بعضهن يسلــّــون
قــلــت انـهـا لـي وفـــّـــقـت بـالــولامـــــا &&& ولــو جــمــعـتــوا نـصـفـهـن مـا يـسـدّون
مــا ظــنــــــّـتــي تـلــقـون مـثــلـه حـراما &&& أيـضـا ولا فـيـهـن عـلى الــســر مـامــون
و أخــاف انــا مـن غــاديــات الــذمــامــا &&& اللــي عـلـى ضـيـم الـدهــر مـا يـتـاقــــون
أو خــبــلــة ٍ مــا عـــقـلـهـا بــالــتــمــامـا &&& تــضــحــك وهـي تـلدغ على الكبد بالهون
تــوذي عــيــالـي بــالـنـهــر والـكــــلامـا &&& و أنـا تـجـرّعـنـي مـن الـمــر بـصـحــون
والله يــا لــولا هـالصــغــار الـــيــتــــامـا &&& و أخــشــى مـن الـسـكــّـه عليهم يضيعون
لا أقـــول كــل الــبــيــض عــقــبه حراما &&& و أصـبـر كما يصبر على الحبس مسجون
عــلـيـه مـنـي كــل يـوم ٍ ســـــــلامــــــــا &&& عــدّت حــجــيــج الـبـيـت واللي يـطوفون
وصــل عـلــى سـيــّـد جـمـيـع الأنـــــامـا &&& عـلـى الـنـبـي يـالـلـي حـضـرتـوا تـصلون
قصيدة جرير في رثاء زوجته تعتبر من اعذب وارق ما قيل في الرثاء ولو قال بيتا واحداً منها لكفى:
لولا الحياء لهاجني استــعبارُ ....... ولزرت قبركِ والحـبيبُ يزارُ
ولقد نظرتُ وما تمتعُ نظــرةٌ ....... في اللحدِ حيث تمكنُ المحفارُ
فجزاكِ ربكِ في عشيركِ نظرةٌ ....... وسقى صداك مجلجل مدرارُ
ولَّهتِ قلبي إذ علتني كــــبرةٌ ....... وذوو التمائم من بنيك صغارُ
أرعى النجومَ وقد مضـتْ غوريةٌ ....... عصبُ النجومِ كأنهنَ صوارُ
نعم القرينُ وكنتِ عــلق مضنةٍ ....... وارى بنعف بلية ،الأحجـارُ
عمرت مكرمةَ المساكِ وفارقتْ ....... ما مسها صلفٌ ولا إقتارُ
فسقى صدى جدث ببرقة ضاحكٍ ....... هزم أجش ، وديمةُ مدرارُ
متراكبٌ زجلٌ يضيء وميضهُ ....... كالبلق تحت بطونها الأمهارُ
كانت مكرمةَ العشيرِ ولم يكنْ ....... يَخشى غوائلَ أم حزرةَ جارُ
ولقد أراكِ كسيتِ أجملَ منظرٍ ....... ومعَ الجمالِِ سكينةٌ و وقار
والريح طيبةٌ إذا استقبلتِها ....... والعرضُ لا دنسٌ ولا خــوارُ
وإذا سريتُ رأيتُ ناركِ نورتْ ....... وجهاً أغرَ ، يزينهُ الإسفارُ
كانت إذا هجرَ الحليلُ فراشُها ....... خُزِنَ الحديـثُ وعفًّتِ الأسرارُ
صلَّى الملائكة الذينَ تخيروا ....... والصالحونَ عليكِ والأبرارُ
وعليكِ من صلواتِ ربك كلما ....... نصبَ الحجيجُ ملبدين وغاروا
يا نظرةً لك يوم هاجتْ عبرةٌ ....... منْ أم حزرةَ ، بالنميرةِ ، دارُ
تحييِ الروامسَ ربعها فتجدهُ ....... بعدَ البلى ، وتميتهُ الأمطارُ
وكأنَ منزلةً لها بجُلاجلٍ ، ....... وحيُ الزبورِ تجدهُ الأحبارُ
لا تكثرنَ إذا جعلت تلومني ....... لا يذهبنَّ بحِــــلمكَ الإكثــارُ
كان الخليطُ هم الخليطَ فأصبحوا ....... متبدلينَ ، وبالديار ديارُ
لا يلبثُ القرناءُ أن يتفـــرقوا ....... ليـــــلٌ يكرُ عليـهـــمُ ونهـارُ
وهذه مقتطفات من قصيدة رثاء للشاعر نزار قباني بزوجته بلقيس .. بلقيس زوجة نزار وهي ام عمر وزينب، ماتت في انفجار السفارة العراقية ببيروت:
بلقيس..
يا كنزاً خرافياً..
ويا رمحاً عراقياً..
وغابة خيزران..
يامن تحدَّيتِ النجوم ترفعاً..
من أين جئت بكل هذا العنفوان؟
بلقيس..
أيها الصديقة.. والرفيقة..
والرقيقة مثل زهرة أقحوان..
ضاقت بنا بيروت.. ضاق البحر..
ضاق بنا المكان..
بلقيس: ما أنت التي تتكررين..
فما لبلقيس اثنتان..
بلقيس..
تذبحني التفاصيل الصغيرة في علاقتنا..
وتجلدني الدقائق والثواني..
فلكل دبوس ٍ صغير ٍ.. قصة ٌ
ولكل عقد من عقودك قصّتان
حتى ملاقط شعرك الذهبيّ..
تغمرني، كعادتها، بأمطار الحنان
ويعرش الصوت العراقيّ الجميل..
على الستائر..
وعلى المقاعد..
والأواني..
ومن المرايا تطلعين..
من الخواتم تطلعين..
من القصائد تطلعين..
من الشموع..
من الكؤوس..
من النبيذ الأرجواني..
بلقيس.. يا بلقيس..
لو تدرين ما وجع المكان..
في كل ركن ٍ.. أنت حائمة ٌ كعصفور ٍ..
وعابقة ٌ كغابة بيلسان..
بلقيس: أيتها الأميرة
ها أنت تحترقين.. في حرب العشيرة والعشيرة
ماذا سأكتب عن رحيل مليكتي؟
إن الكلام فضيحتي..
ها نحن نبحث بين أكوام الضحايا..
عن نجمةٍ سقطت..
وعن جسد ٍ تناثر كالمرايا..
ها نحن نسأل يا حبيبة..
إن كان هذا القبرُ قبرك أنت
أم قبرَ العروبة..
بلقيس..
يا صفصافة ً أرخت ضفائرها عليَّ..
ويا زرافة كبرياء..
بلقيس:
إن قضاءنا العربي أن يغتالنا عربٌ..
ويأكل لحمنا عربٌ..
ويبقُر بطننا عربٌ..
ويفتح قبرنا عربٌ..
فكيف نفرّ من هذا القضاء؟
فالخنجر العربيُّ.. ليس يقيم فرقا
بين أعناق الرجال..
وبين أعناق النساء..
والختام بالقصيدة الخالدة لمحمود سامي البارودي في رثاء زوجته:
أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ .....وأطرتِ أى َّ شعلة ٍ بفؤادى
أوهَنتِ عزمى وهو حَملة ُ فيلقٍ .... وحَطَمتِ عودى وهو رُمحُ طِرادِ
لم أدرِ هَلْ خَطبٌ ألمَّ بِساحتى ... فَأَنَاخَ، أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي؟
أَقْذَى الْعُيُونَ فَأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ ... تجرى على الخدَّينِ كالفِرصادِ
ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُراعُ لِحَادِثٍ ... حتَّى مُنيتُ بهِ فأَوهَنَ آدى
أَبلتنى الحسراتُ حتَّى لم يكد ... جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ
أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوافِحٌ ... وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بَوَادِي
لا لوعتى تدعُ الفؤادَ ، ولا يدى ... تقوَى على ردِّ الحبيبِ الغادى
يا دَهْرُ، فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيْلَة ٍ؟ ... كانَتْ خَلاصَة َ عُدَّتِي وَعَتَادِي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِها ... أفلا رحِمتَ منَ الأسى أولادى ؟
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعاً ... قرحَى العيونِ رواجِفَ الأكباد
أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ، وَصُغْنَ مِنْ ... دُرِّ الدُّموعِ قلائدَ الأجيادِ
يبكينَ من ولهٍ فراقَ حَفيَّة ٍ ... كانتْ لَهنَّ كثيرة َ الإسعادِ
فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّة ٌ ... وقًلوبُهنَّ منَ الهمومِ صوادى
أسليلة َ القمرينِ ! أى ُّ فجيعة ٍ ... حَلَّتْ لِفَقْدِكَ بَيْنَ هَذَا النَّادِي؟
أعزز على َّ بأن أراكِ رهينة ً ... في جَوْفِ أَغْبَرَ قاتِمِ الأَسْدَادِ!
أَوْ أَنْ تَبِينِي عَنْ قَرَارَةِ مَنْزِلٍ ... كُنْتِ الضِيَاءَ لَهُ بِكُلِّ سَوَادِ
لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً ... بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي
أَوْ كَانَ يَرْهَبُ صَوْلَةً مِنْ فَاتِكٍ ... لَفَعَلْتُ فِعْلَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادِ
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ ... فِيها سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ
فَبِأَيِّ مَقْدِرَةٍ أَرُدُّ يَدَ الأَسَى ... عَنِّي وَقَدْ مَلَكَتْ عِنَانَ رَشَادِي
أَفَأَسْتَعِينُ الصَّبْرَ وَهْوَ قَسَاوَةٌ ... أَمْ أَصْحَبُ السُّلْوَانَ وَهْوَ تَعَادِي
جَزَعُ الْفَتَى سِمَةُ الْوَفَاءِ وصَبْرُهُ ... غَدْرٌ يَدُلُّ بِهِ عَلَى الأَحْقَادِ
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى ... رَعْيَ التَّجَلُّدِ وَهْوَ غَيْرُ جَمَادِ
هَيْهَاتَ بَعْدَكِ أَنْ تَقَرَّ جَوَانِحِي ... أَسَفاً لِبُعْدِكِ أَوْ يَلِينَ مِهَادِي
وَلَهِي عَلَيكِ مُصاحِبٌ لِمَسِيرَتِي ... وَالدَّمْعُ فِيكِ مُلازِمٌ لِوِسَادِي
فَإِذَا انْتَبَهْتُ فَأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي ... وَإِذَا أَوَيْتُ فَأَنْتِ آخِرُ زَادِي
أَمْسَيْتُ بَعْدَكِ عِبْرَةً لِذَوِي الأَسَى ... فِي يَوْمِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَحِدَادِ
مُتَخَشِّعَاً أَمْشِي الضَّرَّاءَ كَأَنَّنِي ... أَخْشَى الْفُجَاءَةَ مِنْ صِيَالِ أَعَادِي
مَا بَيْنَ حُزْنٍ بَاطنٍ أَكَلَ الْحَشَا ... بِلَهِيبِ سَوْرَتِهِ وَسُقْمٍ بَادِي
وَرَدَ الْبَرِيدُ بِغَيْرِ ما أَمَّلْتُهُ ... تَعِسَ الْبَرِيدُ وشَاهَ وَجْهُ الْحَادِي
فَسَقَطْتُ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ كَأَنَّمَا ... نَهَشَتْ صَمِيمَ الْقَلْبِ حَيَّةُ وَادِي
وَيْلُمِّهِ رُزءَاً أَطَارَ نَعِيُّهُ ... بِالْقَلْبِ شُعْلَةَ مَارِجٍ وَقَّادِ
قَدْ أَظْلَمَتْ مِنْهُ الْعُيُونُ كَأَنَّما ... كَحَل الْبُكَاءُ جُفُونَها بِقَتَادِ
عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيَّ بِقَدْرِ مَا ... عَظُمَتْ لَدَيَّ شَمَاتَةُ الْحُسَّادِ
لامُوا عَلَى جَزَعِي وَلَمَّا يَعْلَمُوا ... أَنَّ الْمَلامَةَ لا تَرُدُّ قِيَادِي
فَلَئِنْ لَبِيدُ قَضَى بِحَوْلٍ كَامِلٍ ... فِي الْحُزْنِ فَهْوَ قَضَاءُ غَيْرِ جَوَادِ
لَبِسَ الزَّمَانَ عَلَى اخْتِلافِ صُرُوفِهِ ... دُوَلاً وَفَلَّ عَرَائِكَ الآبَادِ
كَمْ بَيْنَ عَادِيٍّ تَمَلَّى عُمْرَهُ ... حِقَباً وَبَيْنَ حَدِيثَةِ الْمِيلادِ
هَذَا قَضَى وَطَرَ الْحَيَاةِ وتِلْكَ لَمْ ... تَبْلُغْ شَبِيبَةَ عُمْرِهَا الْمُعْتَادِ
فَعَلامَ أَتْبَعُ مَا يَقُولُ وَحُكْمُهُ ... لا يَسْتَوِي لِتَبَايُنِ الأَضْدَادِ
سِرْ يَا نَسِيمُ فَبَلِّغِ الْقَبْرَ الَّذِي ... بِحِمَى الإِمَامِ تَحِيَّتِي ووِدَادِي
أَخْبِرْهُ أَنِّي بَعْدَهُ في مَعْشَرٍ ... يَسْتَجْلِبُونَ صَلاحَهُمْ بِفَسَادِي
طُبِعُوا على حَسَدٍ فَأَنْتَ تَرَاهُمُ ... مَرْضَى الْقُلُوبِ أَصِحَّةَ الأَجْسَادِ
وَلَوَ انَّهُمْ عَلِمُوا خَبِيئَةَ ما طَوَى ... لَهُمُ الرَّدَى لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنادِ
كُلُّ امْرِئٍ يَوْماً مُلاقٍ رَبَّهُ ... والنَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَلى مِيعَادِ
وَكَفَى بِعَادِيَةِ الْحَوَادِثِ مُنْذِراً ... لِلْغَافِلِينَ لَوِ اكْتَفُوا بِعَوَادِي
فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ نَظْرَةَ عَاقِلٍ ... لِمَصَارِعِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ
عَصَفَ الزَمَانُ بِهِمْ فَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ ... فِي الأَرْضِ بَيْنَ تَهَائِمٍ وَنِجَادِ
دَهْرٌ كَأَنَّا مِنْ جَرَائِرِ سِلْمِهِ ... فِي حَرِّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ وجِلادِ
أَفْنَى الْجَبَابِرَ مِنْ مَقَاوِلِ حِمْيَرٍ ... وأُولِي الزَّعَامَةِ مِنْ ثَمُودَ وَعَادِ
وَرَمَى قُضَاعَةَ فَاسْتَبَاحَ دِيارَهَا ... بِالسُّخْطِ مِنْ سابُورَ ذِي الأَجْنَادِ
وَأَصَابَ عَنْ عُرْضٍ إِيادَ فَأَصْبَحَتْ ... مَنْكُوسَةَ الأَعْلامِ فِي سِنْدَادِ
فَسَلِ الْمَدَائِنَ فَهْيَ مَنْجَمُ عِبْرَةٍ ... عَمَّا رَأَتْ مِنْ حَاضِرٍ أَوْ بَادِي
كَرَّتْ عَلَيْهَا الْحَادِثَاتُ فَلَمْ تَدَعْ ... إِلَّا بَقَايَا أَرْسُمٍ وَعِمَادِ
وَاعْكُفْ عَلَى الْهَرَمَيْنِ واسْأَلْ عَنْهُمَا ... بَلْهِيبَ فَهْوَ خَطِيبُ ذَاكَ الْوَادِي
تُنْبِئْكَ أَلْسِنَةُ الصُّمُوتِ بِمَا جَرَى ... في الدَّهْرِ مِنْ عَدَمٍ ومِنْ إِيْجَادِ
أُمَمٌ خَلَتْ فَاسْتَعْجَمَتْ أَخْبَارُها ... حَتَّى غَدَتْ مَجْهُولَةَ الإِسْنَادِ
فَعَلامَ يَخْشَى الْمَرْءُ صَرْعَةَ يَوْمِهِ ... أَوَلَيْسَ أَنَّ حَيَاتَهُ لِنَفَادِ
تَعَسَ امْرُؤٌ نَسِيَ الْمَعَادَ وَمَا دَرَى ... أَنَّ الْمَنُونَ إِلَيْهِ بِالْمِرْصَادِ
فَاسْتَهْدِ يَا مَحْمُودُ رَبَّكَ وَالْتَمِسْ ... مِنْهُ الْمَعُونَةَ فَهْوَ نِعْمَ الْهَادِي
وَاسْأَلْهُ مَغْفِرَةً لِمَنْ حَلَّ الثَّرَى ... بِالأَمْسِ فَهْوَ مُجِيبُ كُل مُنَادِي
هِيَ مُهْجَةٌ وَدَّعْتُ يَوْمَ زِيَالِهَا ... نَفْسِي وَعِشْتُ بِحَسْرَةٍ وَبِعَادِ
تَاللهِ ما جَفَّتْ دُمُوعي بَعْدَمَا ... ذَهَبَ الرَّدَى بِكِ يَا بْنَةَ الأَمْجَادِ
لا تَحْسَبِينِي مِلْتُ عَنْكِ مَعَ الْهَوَى .... هَيْهَاتَ مَا تَرْكُ الْوَفاءِ بِعَادِي
قَدْ كِدْتُ أَقْضِي حَسْرَةً لَوْ لَمْ أَكُنْ ... مُتَوَقِّعَاً لُقْيَاكِ يَوْمَ مَعَادِي
فَعَلَيْكِ مِنْ قَلْبِي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا ... نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ عَلَى الأَعْوَادِ
تعليقات