كيف سيتعامل الإنسان المتسامح مع المتطرف؟!.. يتساءل خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 566 مشاهدات 0


السياسة حوارات / الاستيقاظ من أحلام التسامح د. خالد عايد الجنفاوي يصعب تصور أن التسامح سيأتي فقط من جانب واحد أو يمكن أن يتحقق من قبل طرف من دون وجود قابلية لتحقيق التسامح من الطرف الآخر! لا يمكن أن يصر الآخر على البقاء طائفياً, أو قبلياً, أو طبقياً إقصائياً يصنف المختلفين عنه وفقاً لوجهة نظره المشخصنة أو بحسب نظرات مادية أو مناطقيه, أو ثقافية, أو اجتماعية سلبية, ولا يكترث بمقابلة عروض التسامح بمثلها. يحصل أحياناً أن يأتي الآخر كشخص مُنفر وإقصائي ومنغلق الذهن وعدائي في كل سلوكياته وتصرفاته, وفي هذه الحالة كيف سيمكن للمتسامح أن يتعامل مع آخر يبدو انه لا يبالي كثيراً بكرامة وحقوق الناس الآخرين, وربما سيحاول قدر ما يستطيع ازدرائهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية ? أعتقد ان قليلاً من بني البشر ربما لا يستحقون التسامح معهم على الدوام أو أن يُسمح لهم بإرتكاب مزيد من التعجرف والسطوة ضد الآخرين. ولا أقصد في هذا السياق المجرمين والسفاحين واللصوص فقط لكن أيضاً ذلك النوع من الانانيين والنرجسيين والمنغلقين على أنفسهم, فيوجد فعلاً “آخر” عدائي, وإقصائي, وضيق الافق, وأناني وغير متسامح إطلاقاً. كيف سيتعامل الانسان المتسامح بطبيعته مع آخر يبدو متقوقعاً ومتطرفاً, وكارهاً للآخرين المختلفين عنه? التسامح والتعامل باحترام مناسب مع اختلاف الآراء لا يحدث فقط من جهة واحدة أو من شخص واحد مقابل صلف أو تعجرف وممانعة بعض الآخرين: التسامح عملية تبادلية يتنازل فيها كل الاطراف عن بعض انانيته الفطرية وبعض عنجهيته المكتسبة ضد الاخر بل ليس من المنطق أن يستمر أحدهم يطالب بتحقيق التسامح في بيئة وفي جانب مؤثر من ذهنها الجمعي يكره الرأي الآخر المخالف. بل ويبدو أمراً لا منطقياً أن يستمر أحدهم يحلم بامكان تحقق تسامح لا تقابله وقائع فعلية تتجسد في الحياة العامة. توجد مراهقة فكرية تتمثل في السعي الحثيث إلى تحقيق التسامح وسط بعض مجموعات بشرية تبدو منغلقة ضد الحداثة, والتطوير, والتعددية, ومن المفترض أن يتوقف سعي المتسامح المثالي في المطالبة بتكريس التسامح عندما تبدأ تشير غالبية المعطيات الفردية والاجتماعية الى استحالة تحققه. وإذا كان الانسان الفطن لا يُلدغ من الجحر مرتين, فالمتسامح بطبيعته أو بتطبعه ليس من المفترض أن يُلدغ من الاقصائية والرفض الأساسي لإنسانيته وأحياناً مشروعية وجوده, مرتين! حري بالمتسامح العفوي جداً أن يستيقظ من أحلامه, فعالم اليوم ليس مكاناً مناسباً للتضحية من طرف واحد
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك