لماذا تراجعت القضية الفلسطينية في محيطها العربي؟!.. يتساءل ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب سبتمبر 21, 2015, 1:12 ص 590 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / القضية الفلسطينية آخر الهموم
ناصر المطيري
ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي القدس الشريف من اعتداءات اسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني المرابط في المسجد الأقصى وأكناف القدس هي جرائم كانت في زمن مضى تهتز لها المشاعر العربية القومية والإسلامية تخرج المظاهرات التضامنية في العواصم العربية، ولكنها اليوم باتت حدثا عابرا وخبرا صغيرا يأتي في آخر نشرات العرب الإخبارية، مالذي تغير يا ترى؟ لماذا تراجعت القضية الفلسطينية سياسياً واعلامياً في محيطها العربي؟
هذا البرود السياسي والاعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية هو أيضا انعكاس لتبلد الشعور الشعبي العربي الذي لم يعد يحمل هم فلسطين التي طالما كانت الهم الأول وقضية العرب الأولى على مدى أجيال عربية مضت، ونعود للسؤال عن أسباب ذلك البرود العربي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى؟
ببساطة يمكن القول أن الهموم العربية الداخلية وما تعانيه كثير من الدول العربية من مشكلات وأزمات طغت على الهم العربي الكبير وصرفت الشعوب العربية عن قضيتها المركزية.
فقد كان المغرب العربي ذا اهتمام تقليدي بالقضية الفلسطينية، وهو اليوم مشغول إعلامياً بقضايا تخص التحولات السياسية الحادة في أعقاب ما سُمي بـ«الربيع العربي».
أما مصر فهي اليوم منكفئة على ذاتها تعيش في دوامة من المشكلات الاقتصادية والأمنية، وفي الوقت الذي يفقد إعلامها بوصلته ولم يعد يحمل الهم القومي العربي، ويراوح بين محتوى سياسي متشنج وغارق في الانحياز ومحتوى ترفيهي منفلت وغارق في السوقية، لا تجد القضية الفلسطينية مساحات مناسبة لمقاربتها ومعالجة شؤونها.
أما المشرق العربي، فحدث ولا حرج، فسورية تتمزق تحت نيران حرب أهلية مدمرة، وضعت الشعب السوري في أجواء مأساة لا تقل كارثية عن تلك التي مر بها الشعب الفلسطيني، وما زال لبنان ضحية للتجاذب الذي أقعده أكثر من عام عن انتخاب رئيس، فضلاً عن اندلاع التظاهرات فيه ضد النخبة الحاكمة، وأما العراق فهو غارق في وحل التناحر الطائفي ويواجه خطر التمزق الجغرافي ولم يعد بمقدور العراقيين أن يحملوا سوى همومهم الداخلية في مواجهة حكومة مرجعيتها السياسية في طهران.
ودول الخليج العربية المعروفة تقليدياً بأنها كانت في زمن مضى المنبر الأهم في دعم ومساندة القضية الفلسطينية باتت اليوم تدور في دوامة الخطر الذي يهدد حدودها ووجودها، دول الخليج اليوم تخوض حربا ضد الحوثيين في اليمن هي حرب في حقيقتها اقليمية في مواجهة التمدد الإيراني، وتخوض حربا أمنية داخلية لمواجهة الخطر الداعشي من جهة وخلايا حزب الله المسلحة، لذلك لم يعد لا في الفكر الخليجي ولا في الإعلام الخليجي أي مساحة للقضية الفلسطينية فالهم الداخلي يطغى على ما عداه.
لم تعد معاناة الشعب الفلسطيني تهيمن على الذهنية العربية لأن صورا أخرى من المآسي احتلت العقل العربي والعالمي اليوم، صور الدمار في سوريا وقتل الشعب بالبراميل المتفجرة، صور التهجير القسري لشعب واجه الغرق في قوارب الهجرة والموت، هذه الصور وغيرها سيطرت على الاعلام العربي وذهنية الإنسان فتراجعت القضية الفلسطينية وأصبح الفلسطينيون ومقدساتهم يواجهون آلة الحرب والقمع الاسرائيلية بلا نصير، سوى بيان باهت من وزراء خارجية عرب يدين الاعتداءات الاسرائيلية.. بيان لرفع العتب فقط.
تعليقات