حمود الحطاب في شفافيات يكتب: تعميم الخطب الدينية كارثة ثقافية مضحكة !
زاوية الكتابكتب أكتوبر 23, 2015, 12:14 ص 911 مشاهدات 0
السياسة
شفافيات - جمعاويات
د. حمود الحطاب
أم محمد الخليفة، والدة النائب السابق في مجلس الأمة المحترم، عمتي العزيزة والغالية، والدة زوجتي وجدة عيالي مريم بنت جرمان المطيري، أصيبت بكسر فأدخلوها مستشفى الرازي للعلاج، وكنت في زيارتها يوم الجمعة الماضي، ولما أذن الأذان لصلاة الجمعة وأنا مازلت في عيادتها والدعاء لها، قررت أنا ونسيبي الذهاب للصلاة في مسجد مستشفى الرازي، وهو مسجد كبير يمتلئ بالمصلين، فخطب خطيب الجمعة، وكان متمكنا من الخطبة وهادئا في أدائه، وكانت خطبته كما هو واضح أنها من خطب الجمعة المعممة على جميع الخطباء! وتعميم الخطاب والخطبة إنما هو كارثة ثقافية وكارثة مضحكة مع الأسف في الوقت نفسه، المضحك في الموضوع هو تعميمها على كل المناطق وكل المساجد، تعميم الخطاب هو المنتقد وهو المؤسف والمؤلم وغير المنطقي، ومعنى التعميم للخطاب، معنى هذا هو تجاهل الفروق العظيمة بين رواد مسجد ومسجد ومنطقة ومنطقة وظرف وظرف، ومعنى هذا هو تجاهل عقول الناس وعدم احترام الوقت الذي يقضيه المصلي بانتظار أن يسمع شيئا مفيدا له في خطبة الجمعة فيفاجأ بكلام لا يعنيه ولا يخصه على الأطلاق.
وفي هذه الجمعة كانت الخطبة المعممة والتي أحكي عنها قد أصابت أيضاً مسجد مستشفى الرازي، وهي خطبة كانت موجهة إلى تلاميذ المدارس وطلابها وتلميذاتها وطالباتها، فما الامر الصادم في هذه الخطب عندما تعمم؟ وعندما بدأ الخطيب خطبته في مسجد مستشفى الرازي للعظام، وكان فيها كلام موجه للمتعلمين والمتعلمات، وبشكل مباشر، مثل أن يقول الخطيب: «أيها الطلاب والطالبات، التفت يميني ويساري ونظرت من خلف أعناق الناس للصفوف التي أمامي، ونظرت إلى الصفوف ورائي فوجدتها تغص بالمجبسين والممرضين والأطباء والعاملين في المستشفى! هذا هو الجمع الذي أمامي وليس هناك ولا حتى طالب واحد ولا طالبة، ولا تلميذ ولا تلميذة غير طفل صغير كان في المسجد مع والده، ووزارة «الأوقاف» تخاطبهم… تخاطب جمع وطاقم مستشفى الرازي للعظام بما فيهم الأطباء تخاطبهم بقولها: «أيها الطلاب والطالبات»! فما رأيكم دام ودكم في هذا الهرج والمرج؟ ما رأيكم في عدم احترام المخاطَب في المسجد حيث يجب أن يوجه اليه الخطيب الحر في خطبته الكلام اللائق بمقامه والذي يناسبه.
وإذا كان هلعكم يا بعض قيادات «الأوقاف» أن حرية الخطيب قد تعني أن يشطح بعض الخطباء بموضوعات خارج حدود المسموح به فما أهمية تلك المسجلات التي وزعتموها على معظم مساجد الكويت، وفشلتم في توزيعها على كل المساجد أيضاً ؟فإذا كان هذا خوفكم فما فائدة هذه المسجلات ولجان متابعة خطب الخطباء في وزارتكم المصونة؟ كم هو مؤلم ومحرج وقاتل لمعنى الخطاب الديني ومعنى أهمية الكلمة في الإسلام وكم هو في غير فائدة للجلوس، للمصلين في المسجد من المنصتين الخاشعين المؤدين لواجب حضور وعظ الجمعة، وهم هنا في الرازي أطباء العظام المحترمون والمجبسون للكسور والممرضون الكرام وكل أطقم مستشفى العظام حين يخاطبهم الخطيب المحترم الوقور مجبوراً مرغما حائراً محتارا غير مختار، ويقول لهم: أيها الطلاب والطالبات، ويكرر عليهم هذا النداء طيلة وقت الخطبة ويدعوهم للمذاكرة وحب التعلم.
كم هو خارج عن نطاق كل احترام لقيمة الكلمة في الاسلام ولقيمة الكلمة في كل حضارة راقية التي قال في احترامها القرآن الكريم» وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.» والقول عمَّ كل الكلام كما يعرف ذلك فقهاء وزارة «الأوقاف»، ولا تعلمه بعض قياداتها كما أعرف وأخبر، فيضحون به يضحون بالقول والكلمة والكلم والكلام واللفظ المفيد كيفما كان، ويخاطبون الأطباء أطقم المستشفى هنا «ب» أيها الطلاب والطالبات. وقد خاطبوا بها المزارعين من الآسيويين في مساجد المزارع، وخاطبوا بها العمال وكل غير ذي حاجة بمحتوى الخطبة تلك في كل مسجد وصلته الخطبة المعممة.
تعليقات