خالد الجنفاوي في حوارات يكتب: الخطاب المنفتح وقبول حق الاختلاف وجهان لعملة واحدة

زاوية الكتاب

كتب 612 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  -  الخطاب المنفتح وقبول حق الاختلاف

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يكتسب الهدف الأسمى لأي ممارسة ديمقراطية إيجابية قالباً محسوساً عندما يتجسد في تكريس الخطاب المنفتح في المجتمع، ولكن ربما سيصعب بروز هذا النوع من الخطابات الديمقراطية ما لم يتم التركيز، بداية على أهمية قبول حق الاختلاف: يحق لكل عضو في المجتمع الوطني التعبير عن اختلاف رأيه وتوجهه الفكري وميوله الثقافية، وفق إطار السمات التاريخية والثقافية المتعارف عليها في المجتمع. على سبيل المثال، في أي مجتمع وطني معاصر هناك أطر ثقافية ووطنية معينة تحدد طبيعة الهوية الوطنية والتوجهات الفكرية والأخلاقية العامة التي تُكَوُّنُ الدعائم الرئيسية للحياة الخاصة والعامة في البيئة المحلية.
وقبول حق الاختلاف لا يعني بالضرورة التعبير عن التمايز الفردي أو الثقافي الفرعي بشكل يتعارض مع الثوابت الوطنية المتعارف عليها، أو يتنافى مع متطلبات الحفاظ على الوحدة الوطنية، ولكن يحق لكل فرد حر ومستقل وعضو في المجتمع التعبير عن اختلاف رأيه، وربما ذوقه الشخصي-إذا أردتم-وفق أطار وطني إيجابي وعام يهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية، ويهدف أولاً وأخيراً إلى تشكيل خطاب منفتح ورأي عام مستنير يقبل التعددية ويكرس التسامح، ويدعم الممارسة الديمقراطية الإيجابية والبناءة.
يصعب تخيل تكرس ديمقراطية بناءة ما لم تترسخ بداية في الذهن الجمعي ثقافة قبول حق الاختلاف، وذلك لأن المحور الرئيسي الذي تدور عليه عجلة التطور الديمقراطي الوطني يستند إلى قبول أغلبية أعضاء المجتمع لأحقية مواطنيهم في اعتناق آراء شخصية مختلفة. لكن كيف سيتم تطوير الذهن الجمعي الوطني وجعله أكثر انفتاحا ليستسيغ مستجدات العصر ويقبل بأريحية ثقافة الاختلاف؟ أعتقد إضافة إلى ضرورة مرور وقت مناسب في ممارسة الديمقراطية الايجابية في الحياة الخاصة والعامة لكي يترسخ قبول الاختلاف، فتوجد حاجة أيضاً لقبول التعددية في المجتمع.
التعددية تشير إلى «تعدد وتنوع الجماعات التي يتكون منها المجتمع وتنوع ثقافاتهم وأفكارهم وميولهم « (نجار 805). يملك كل إنسان مسالم الحق في أن يكون مختلفاً عن الأقلية أو الأغلبية في مجتمعه، ولكل إنسان الحق في أن يبقى كما هو دون أن يقع ضحية لتعسف الآخر المختلف عنه! السعي إلى خلق مجتمع ديمقراطي منفتح يتطور فيه خطاب ديمقراطي منفتح يقبل التطورات الاجتماعية الايجابية لا يعني تجاهل القيم والمبادئ الأخلاقية والمواثيق التاريخية الوطنية الراسخة والسمة الأصلية للهوية الوطنية. الخطاب المنفتح وقبول حق الاختلاف وجهان لعملة واحدة اسمها: النجاح الديمقراطي.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك