الاستعمار استطاع باعتقاد محمد الشيباني أن يكيف الثورات العربية حسب خططه التي تخدمه
زاوية الكتابكتب نوفمبر 3, 2015, 11:26 م 485 مشاهدات 0
القبس
الثورات: حسد وكره...!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
ما شاهدناه وقرأناه في القديم عن الثورات أو نعيشه اليوم من ثورات هنا وهناك أياً كان شكلها وانطلاقها قد تنتهي بالحروب أولاً، إنما المحرك الأساس، هو حسد الآخر وكرهه. وأصدق كلمة قرأتها في القديم قول الأديب سامي الجريديني: «إن المحرك الحقيقي لأعظم الثورات أو الانقلابات الاجتماعية والسياسية هو الحسد والكره اللذان يشعر بهما الرجال الناهضون بالثورات للنظام الذي يقلبونه، ولكنهم إذا سئلوا قالوا: إن الدافع الذي يحركهم هو حب العدل وإقرار السعادة على هذه الأرض! ومما لا شك فيه أن معظمهم صادق في قوله السطحي لأنه مسوق بعقله الباطن لا بعقله الظاهر».
ولو عددنا الثورات التي ظهرت في أمتنا العربية منذ أن خرج الاستعمار (طبعاً ليعود مرة أخرى)، لكانت كثيرة وكثيرة جداً قد يكون في البلد الواحد أكثر من اثنتين وثلاث ورباع!
ولكن قولوا لي بربكم أي ثورة منها استفاد منها الإنسان العربي على الإجمال أو لكل بلد من البلدان على حدة، فكلها خدمت الاستعمار على طريقة: إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. فقد استطاع الاستعمار أن يكيف الثورات حسب إيديولوجيته وخططه وبرامجه التي تخدمه بحيث لا تنفك من الارتباط به والسير خلفه أو معه، وما نراه اليوم هو جزء من ذلك الارتباط أو نصفه أو كله في بعض البلدان.
وحتى يكون للأمة استقلالها وقوتها وحريتها فهذا شيء لا يستطيع أي سياسي أن يحكم به أو يضع نقاطه على حروفه أو يجزم به لأننا جميعاً ولكن قلوبنا شتى أصلاً، وقد رسخ المستعمر ذلك أكثر في قلوبنا فاتجهت أفئدتنا وأنظارنا إليه نطلب منه العون والنصرة والمساعدة والوقوف معنا ضد الآخر.
والآخر يطلب منه مثلما نطلب نحن بدفع الأكثر مع الاطمئنان إليه الذي قد يكون أكثر منا.
لا جرم أننا لم نبلغ هذه المرتبة كعرب إلا بعد أن أسرفنا مع ربنا أولاً ومع ديننا ثانياً، وظلمنا أنفسنا مع بعضنا، فكلنا مسؤول عن ضياع الأمة ليس فقط الحكام الذين هم في الأساس محاسبون أكثر عن ملك أضاعوه وأضاعوا قوته وهيبته، فنحن مسؤولون كذلك عن أعمالنا اليومية إن كانت وفق الضوابط الشرعية والقانونية التي تعارفنا عليها ولم نخل بها بيننا، فلو حاسب كل إنسان منا نفسه آخر نهاره بما اقترفته يداه تجاه غيره، لكنا أمة مثالية فاضلة محترمة.
والله المستعان.
تعليقات