الشعب التركي برأي حمود الحطاب يستخدم السياسة ليقود مصالحه
زاوية الكتابكتب نوفمبر 7, 2015, 12:17 ص 749 مشاهدات 0
السياسة
شفافيات - اعرف الأتراك تعرف سبب فوز 'العدالة'
د. حمود الحطاب
الشعب التركي شعب عظيم حقا، لأنه شعب يفكر في مصالحه، لأنه عمل ويعمل على أن يكتفي ذاتيا، هو شعب عظيم لأنه يكره قيل وقال السياسة، ولكنه يستخدم السياسة ليقود مصالحه. ولربما أغنت العبارة الأخيرة هذه عن كل ما أريد قوله من رأي في الموضوع الذي أنا بصدده، لكن لابد من بعض التفصيل هنا وهناك.
إن ترشيح وتأييد الشعب التركي الشقيق لحزب العدالة والتنمية صاحب الفكر العلمي الإسلامي العالمي للفوز بهذه النسبة العالية في الانتخابات الحالية المعادة، والانتخابات السابقة للأعوام الماضية، لم يكن تأييدا كتأييد فريق كرة قدم رياضي، أو هو تأييد عاطفي حماسي وتعصبي للحزب، ولا لرئاسته، فالموضوع هنا ليس موضوع عواطف وليس فيه مشاحنات، وهو هنا في عالم السياسة، ذلك العالم الجاد والخطير والمصيري للأمم ،لأن السياسة هي المستقبل والتفاؤل أو هي الخيبة والدمار، والضياع والانتهاء. وهذا يفهمه الشعب التركي الواعي وبشكل رائع جداً وبشكل متميز، ومن هنا فهم يختارون القوي الأمين من الرجال ومن الأحزاب. وقد طبقوا القاعدة الإسلامية في انتقاء القيادات، فيختار الأصلح للقيادة والأكثر كفاءة ويبقى الدين بينه وبين ربه ،وما فائدة متدين ننتخبه وهو ليس قويا وليس أمينا ومثل هذا ما أوقع الكثير من الأحزاب الإسلامية في ورطة الورطات. حين اختارت متدينا لصلاحه الشخصي ربما، لكنه غير صالح للقيادة هل تعرفون ما أعني؟
سأذكر لكم موقفا مرَّ بي في تركيا العام الماضي وعليكم أن تحكموا من خلال هذا الموقف على ما أقول:
كنت في أحد الفنادق المهمة القريبة جدا من ساحة تقسيم في اسطنبول، وتحدثت مع موظفة تركية كانت تعتني إداريا بصالة الاستقبال وتشرف على حركة الضيوف في الصالة الكبيرة، فمدحت لها اردوغان وكان عمله رئيس وزراء تركيا «آنذاك، فقالت : «أنا لا أحب اردوغان»، فقلت لها وقد شعرت بصدمة من ردها الصريح: قلت إن السيد طيب اردوغان قد حول تركيا من بلد مدين بالمليارات لكبار بنوك العالم فأصبح بلدا دائنا، وقد رفع من مستويات الحياة في تركيا وجعلها في مصاف الدول المتقدمة حولها فلماذا لا تحبينه؟ فقالت: «نعم، إن اردوغان قد طور تركيا ورفع مستوى الشعب المعيشي ونهض بالبلاد، وأنا أحترمه تماما وأثق به، ولكني لا أحب ميوله وشخصيته». فقلت وأنا أبتسم: «إن عدم محبتك له لن توقف عمله في تنمية البلاد». هل تستوعبون معنى الحديث المهم الذي دار بيني وبين هذه المرأة. إن مثل هذه المرأة بلا شك لا تعطي صوتها إلا لأردوغان وحزبه، وهذا ما تفعله جماهير كثيرة في الشعب التركي، فمصلحة تركيا فوق كل اعتبار وشعور.
وهذا الحديث أيضا معناه ماقلته في بداية المقالة، وهو أن موضوع العمل السياسي ليس تنافسا كرويا بين أندية فيشجع كل طرف ناديه، ومن دون عواقب وخيمة في حالات الفشل ومن دون مصالح تعم البلاد والعباد بالعموم في حالة الكسب ،وهذا ما قالته المرأة. فالشعب التركي الذي انتخب اردوغان نفسه وحزبه لا يشترط فيه أنه يعلق صورهم في كل مكان، في بيوتهم ودكاكينهم حتى ينتخبهم فهو يريد حزبا عاملا مجربا مع ملاحظة مهمة إضافية وتغطي كل ما قلت فإن للشعب التركي في أعماقه ميولا قوية نحو المتدينين العاملين المخلصين، «وإنما يبكي على الحب النساء» كما قيل ومعذرة من أخواتنا الكريمات النساء، ولربما البكاء على الحب في النساء نستطيع أن نقول عنه: «ده كان زمان». وللحديث بقية.
تعليقات