عبدالعزيز الدويسان يكتب: انتهت الكلمات وتصدرت التعبيرات

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الدويسان 1021 مشاهدات 0


المقولة الشهيرة ' الصورة عن ألف كلمة ' ، هذا ما ينطبق على هذا الزمن ، والصورة تعبر عن الكثير بدل نثر الحروف ورص الكلام ، فالصورة مؤثرة ومعبرة ومضحكة ومبكية ، عام 2015 لن يمر مرور الكرام دون اكمال المفارقات ، فماتت الكلمات وتصدرت التعبيرات ، فقد تصدر رمز ويعرف رسميا ' بوجه دموع الفرح ' قائمة جامعة اكسفورد البريطانية لأكثر المصطلحات استخداماً في العام 2015، خاصةً بعد اختفاء الكلمات لتحل محلها الرموز بين الشباب على الشبكات الاجتماعية ، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يتم فيها اختيار رمز تعبيري كبديل للمفردات المعتادة ما يعكس انتشار ثقافة الرموز التعبيرية .

وحصدت تغريدة جيرارد بيكيه مدافع برشلونه على الرقم القياسي كأكثر تغريدة في تويتر تحتوي على ايموجي فقط تمت إعادة تغريدها بــ 125 ألف ريتويت و 84 ألف بالمفضلة بعد سخريته من نادي ريال مدريد حيال إشراك النادي الملكي للاعب موقوف وهو الروسي دينيس تشيرشيف خلال مباراة الذهاب من دور 32 أمام قادش بكأس الملك وكلفت الفريق الخروج من البطولة ، فدون اللاعب وجوه تعبيرية تضحك وتبكي بشده فحصدت الكم الهائل من ردود الفعل .

والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ كيف أتت هذه اللغة التعبيرية والتي نستخدمها بكثرة في تواصلنا مع الغير عبر الأجهزة الحديثة من تعبيرات واختصار الأوقات ؟ واجه شيجيتاكا كوريتا عام 1998 صعوبة بالغه في ايصال مشاعره إلى أبناء جلدته اليابانيين عندما يبعث لهم برساله إلكترونيه ، يضطر فيها بأحيان كثيرة أن يهاتف زميله حتي يوضح له انه غاضب أو سعيد ، فالكلمات القصيرة المحدودة في الايميل لم تشفع له بضخ انفعالاته في الرسالة تصل ببرود شديد يصقع متلقيها ، وكانت طبيعة عمل كوريتا تتطلب ان يرسل ايميلات عديده ، وأحيانا يكون المضمون غير واضح ويشعر بالحرج بالاتصال على كل رسالة فأحس أن الايميل لم يساعده علي تسهيل مهامه بل عقدها .

فكر في ابتكار وجوه تعبيريه بسيطة تكون مرافقه للكلمات التي يكتبها لتمنح الرسائل المشاعر المفقودة ، برمج أكثر من صوره تعبيريه علي الشبكة الداخلية في الشركة التي يعمل فيها لعلها تساعده علي تأدية وظيفته علي نحو أفضل وسمّاها (ايموجي) وتعني الوجوه التعبيرية باللغة اليابانية وهي كلمة مقتبسة من اللغة اليابانية وتمزج بين E وترمز إلى الصورة الالكترونية، وmoji والتي تعني حرف ،  بعد مضي شهور أصبح كثير من زملائه يستخدمون هذه الوجوه التعبيرية البسيطة الباسمة أكثر منه وطلبتها مؤسسات يابانية منه بعد ان فاحت رائحتها في الجوار .

وفوجئ كوريتا عندما زار أمريكا لاحقا بالاستخدام الواسع للوجوه البسيطة التي ابتكرها بين الأمريكيين ، والطريف ان كوريتا الشخص الذي أسس هذه الوجوه شخص يهوي العزلة والغياب ولا يحب أن يشاهد وجهه الكثير يختفي خلف اجهزته ، يكرر دائما علي الصحافيين الذين يخطبون وده جمله واحده لا تتغير: ' لو أعرف أن أتكلم جيدا لما صنعت هذه الوجوه لقد ساعدوني في التعبير إنهم يتحدثون أفضل مني ' ، شكرا لكم للقراءة.

 

 

 

 

عبدالعزيز الدويسان

تعليقات

اكتب تعليقك