عن العقدة الخليجية أمام المشروعين الإيراني والتركي.. يكتب ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 615 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  -  الخليج بين المشروعين الإيراني والتركي

ناصر المطيري

 

في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها منطقة الخليج تختلط الأوراق السياسية للقوى والتحالفات الاقليمية وتتعقد العلاقات الدبلوماسية وسط حالة تصعيد محاطة بنيران الحروب من الجنوب في اليمن الى الشمال في سورية حيث تبرز مشاريع القوى الاقليمية المؤثرة التي تتنافس على النفوذ السياسي والاقتصادي في منطقة الخليج وأهم مشروعين هما المشروع الايراني والمشروع التركي.
المشروع الايراني أصبح بارزا بقوة في الفترة الراهنة لاسيما بعد الاتفاق النووي الايراني مع الولايات المتحدة والغرب، وأخذت الممارسة السياسية الايرانية في المنطقة طابع المواجهة وتخلت ايران عن «التقية السياسية» في تعاملها مع الملفات الاقليمية فأصبحت تمارس سياسة «جهرية» بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي متخذة من تفعيل البعد المذهبي والظهور بمظهر الدولة الراعية والحامية للشيعة في الخليج وفي العراق وسورية ولبنان.
وقد تجلى هذا الدور الايراني الذي يجسد مشروعها السياسي الكبير بالمنطقة في الأحداث الأخيرة بعد اعدام المملكة العربية السعودية لرجل الدين السعودي نمر النمر وما تلاه من اعتداءات على السفارة السعودية في طهران، لذلك جاء التعامل السعودي حازما وحاسما هذه المرة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران، لأن الرياض تيقنت من المدى الذي وصل اليه المشروع الايراني في الخليج ودول المحيط الاقليمي.
وفي خطوة سعودية سياسية ذات بعد استراتيجي وفي سبيل كبح جماح المشروع الايراني أقامت الرياض تحالفا مع تركيا لايجاد حالة توازن قوى.
بالطبع تركيا التي مدت يد التحالف مع السعودية في مواجهة المشروع الايراني هي أيضا ترسم معالم المشروع التركي المنافس لايران في اطار اللعبة السياسية القائمة على تبادل المصالح لاسيما مع السعودية وقطر،
المشروع التركي ينظر اليه السعوديون والخليجيون باعتباره حائط سد في مواجهة مد المشروع الايراني، ولا تمانع تركيا من لعب هذا الدور لتحقيق مصالحها السياسية بل وبالدرجة الأولى المصالح الاقتصادية، وقد تسلمت تركيا «عربون» الحلف مع السعودية صفقة تسلح بقيمة عشرة مليارات دولار، وقبلها عقدت أنقرة اتفاقية توريد الغاز مع قطر.
العقدة الخليجية أمام هذين المشروعين الايراني والتركي هو غياب المشروع الخليجي الحقيقي والفاعل، حيث تكمن المشكلة في أن السياسات الخليجية في التعامل مع ايران وتركية هي سياسات » انفرادية» وليست سياسات خليجية جماعية تنطلق من منظمة مجلس التعاون الخليجي، فنجد دولا خليجية تتنافر مع ايران في ذات الوقت الذي تقيم دول خليجية أخرى علاقات متينة معها وهذا من شأنه اضعاف الموقف الخليجي، وكذلك الأمر مع المشروع التركي في الخليج حيث يلقى ترحيبا وتحالفا مع دولة خليجية مثل السعودية بينما نجد دولاً خليجية أخرى تتحفظ في علاقاتها مع تركيا الى حد التنافر.
ومادام المشروع الخليجي الوحدوي غائبا فإن دول مجلس التعاون ستبقى رهينة المتغيرات الدولية والاقليمية وتموج بين المشاريع الاقليمية للقوى المؤثرة في المنطقة ولن تحقق الاستقرار الأمني المنشود.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك