لماذا أصبح التعامل مع الناس أمراً صعباً؟!.. تتساءل نفيعة الزويد
زاوية الكتابكتب يناير 28, 2016, 11:38 م 731 مشاهدات 0
القبس
ضريبة المدنية
نفيعة الزويد
لماذا أصبحت أعصاب الناس فتيلاً من النار يَحر.ق صاحبه قبل الآخر؟ لماذا أصبح التعامل مع الناس أمراً صعباً؟ لمَ لمْ يعد لدى الناس قوة الصبر والتحمل؟ الكل يريد إنجاز معاملته بسرعة ولا يتحمل انتظار الدور، زادت المشاكل بسبب عصبية الناس وزادت المخالفات بكل أشكالها وَرَخصتْ أرواح الناس وكأنه لم يعد هناك خوف من القانون ولا من الله.
إحصائية الأدلة الجنائية خلال الأشهر الستة الماضية مخيفة ومرعبة (26 جريمة قتل، 37 جريمة انتحار، 1158 جريمة سرقة، 8500 جريمة سلب بالقوة، وحرائق، انتحال شخصيات، تزوير، اختلاس، جرائم خطف، حيازة أسلحة وذخائر، إطلاق نار، مشاجرات، حوادث سير وسيارات، ناهيك عن وفيات الجرعات الزائدة من الشباب والبنات).
وهنا السؤال يطرح نفسه: هل للحياة المدنية دور في جزع الإنسان وهلعه، أم هي ضريبة التكنولوجيا الحديثة التي أدمنها الإنسان ودمرت خلايا وأعصاب الدماغ، ولم تعد عنده مساحة في عقلة للتفكير والتأني قبل الشروع في جريمة بحق نفسه ومجتمعه؟!
من ينظر إلى أفلام هوليوود وبوليوود يجد النقيض عن الواقع، وكلما صوروا لك الحياة رغيدة ومثالية في تلك الأفلام، فيجب أن تعلم أنها على عكس الواقع من جهل وفقر، فأصبحت أفلامهم أحلامهم، فنجدهم على أرض الواقع يختلفون اختلافاً كلياً عما يجسّدونه في أدوارهم، وهذه الإبرة المخدرة التي يبحث عنها جيل هذا العصر.
ناهيك عن أفلام الأكشن التي تشحن الشباب بالطاقة، فيحاولون بشتى الطرق أن يحصلوا على المال أو ما يغيّبهم عن أرض الواقع، معتقدين أن ذلك سينسيهم واقعهم المرير.
مشكلاتنا تكمن في التقليد الأعمى والإسراف حتى لو لم يملك المال على غرار ما شاهده بالأفلام، وأصبحت المبالغة لدينا سمة ظاهرة لمجتمعنا، سواء في الاجتماعات، الاحتفالات، المناسبات، والتباهي باستقبال المولود الجديد، الأعراس وطالت حتى العزاء، وحملات الحج فأصبحت سبعة نجوم!
لماذا وصلنا إلى هذا الشطط، هل قلة القناعة أم عدم رضوخنا للواقع فقط نريد كغيرنا وبأي ثمن...؟!
يُفْترض أن الحضارة والحياة المدنية تسهّل ولا تعسّر أمورنا، المدنية يجب أن تبعدنا عن الإرهاق، وتوفر لنا حياة سهلة وبسيطة، ولكن ما رأيناه على أرض الواقع هو العكس، لقد أثقلت المدنية كاهل الأسر، وعقّدت حياة الناس، وجعلتهم يلهثون وراء التكنولوجيا لمتابعتها ليل نهار أو وراء المادة البحتة والمشتريات، رجالاً كانوا أو نساء، والكل يريد اقتناء الأحدث والتغيير السريع.
كنا في السبعينات والثمانينات نادراً ما نسمع عن جريمة أو سرقة أو حتى مخالفة مرورية. أما الآن، فعلى مدار الساعة نسمع ونرى الجرائم بكل أشكالها «إ.نَّ اللهَ لاَ يَظْل.مُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَك.نَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْل.مُونَ» (يونس: 44).
الناس جعلوا أنفسهم تحت الضغوطات النفسية الكبيرة. لذا، على الإنسان أن يكون متحضراً ومتمدناً في داخله وليس في خارجه، وإن لم يكن احترامه لذاته، فليكن احترامه للوقت الذي صنعت منه الحياة.
تعليقات