تركي العازمي يكتب عن تكرار الفشل وقوة الإرادة !

زاوية الكتاب

كتب 611 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  تكرار الفشل.. وقوة الإرداة!

د. تركي العازمي

 

من أجمل ما وصلني قصة الياباني ميكوموتو... تلك القصة التي أعادتني إلى العام 1989 حين التقيت بزملاء الدراسة في بوسطن، بعضهم احتفظ بالزمالة، وبعضهم فشل والتزم الفشل و«طلع خواره»!

تقول القصة إن ميكوموتو ولد في قرية توبا وكان والده رجلاً فقيراً يبيع الأرز المسلوق، وكان يساعد والده، ويقضي نهاره في دفع عربة صغيرة لبيع الأرز، وفي سن الثامنة عشرة عمل بصيد الأسماك واللؤلؤ وكان يهوي بيع الأصداف وجمع النادر منها، وكانت هناك فكرة في رأسه وأسئلة لم يعرف كيف يجيب عنها.

وذهب يوماً إلى أحد أصدقائه من المنشغلين بعلم الأحياء المائية وسأله: لماذا يوجد اللؤلؤ في بعض القواقع ولا يوجد في بعضها الآخر؟، فأجابه بأن «بعض الطفيليات الموجودة في البحر تتسلل إلى داخل القوقعة فتقوم القوقعة بالدفاع عن نفسها بأن تعزل هذا الجسم الغريب عن طريق إفراز مادة جيرية شفافة تحاصر هذا الشيء الغريب الذي تسلل إليها وهذه المادة الفوفسفورية التي يتم تكوينها هي اللؤلؤ...

ومن يومها وفكرة إنتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية لا تفارق مخيلة ميكوموتو وأخذ يجمع القواقع ويفتحها برفق ليدخل جسماً غريباً، وينتظر لعل وعسى أن يجد اللؤلؤ قد تكون... وتكررت محاولالته وكلها باءت بالفشل لمدة 15 عاماً وهو يحاول حتى توصل إلى استنتاج بأن انخفاض درجة الحرارة إلى أقل من سبع درجة مؤية يقتل القواقع، فنقلها بعد ذلك إلى ماء دافئ وتحقق حلمه في وجود أول لؤلؤة مزروعة في اليابان وكان ذلك في يوم 28 سبتمبر سنة 1859 وأصبح أثرى أثرياء العالم.

القصة لها إضاءة كما وردتني عبر «الواتس آب» أن تفشل أكثر من مرة وتعيد المحاولة حقا فأنت شخص رائع.

إذاً٬ نفهم من هذه القصة وغيرها من القصص المماثلة أن الشرط هنا أن تكون لك فكرة (رؤية) وأن تكون صاحب إرادة في تحقيق الحلم الفكرة/‏الرؤية مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الاستشارة كما عمل ميكوموتو.

نحن هنا في الكويت نعلم علم اليقين بأن الأفكار كثيرة لكنها افتقدت إلى الاستشارة «الصح» وبالتالي وإن تحققت الإرادة فهي تفشل وحتى وإن أعدنا الكرة مرات كثيرة لأنها افتقدت أهم ركن في الخروج من الفشل إلى الإبداع ألا وهو «الاستشارة»!

وهذا ليس فقط على مستوى العمل المؤسسي٬ بل حتى على مستوى العلاقات الإنسانية فهي أشبه بالمحاولات الفاشلة في تحسين العلاقة بين المجاميع، ومن ضمنهم الأصدقاء والأسباب تعود لحسابات استشارية خطأ فيها من المصالح والانطباعات الاجتماعية الخاطئة.

نحن بحاجة إلى الفكر الإبداعي... فلنسأل أهل علم الاجتماع والنفس عن الوسائل الصحيحة التي ينبغي علينا اتباعها لتوطيد العلاقة في ما بيننا.

ونحن بحاجة إلى أخذ الأفكار النيرة من العقول غير المستغلة وعرضها على مستشارين كل حسب مجاله فإن كانت قابلة للتطبيق فلم لا نستعين بهم لنقفز من حالة الفشل إلى الإبداع اجتماعياً ومؤسساتياً.

وعلى أي حالة٬ قصة زراعة اللؤلؤ لم أكن على علم بها، ونحن نظل في طور التعلم حتى آخر رمق من حياتنا وهي ومن غير رغبة أعادتني للوراء... فكم من حبيب لنا غيرته الأعوام والمصالح وترك اللحظات الجميلة، وعلى المستوى الشخصي سأظل محاولاً في الاحتفاظ بالكثير منها فهي المرآة العاكسة التي تعيدنا إلى ما كنا عليه حيث البساطة وحسن النوايا، وبالتالي نعزز قيمها وإن تغير الزمان ومؤثراته الزائلة بعد حين... والله المستعان.

مقال اليوم - الراي

تعليقات

اكتب تعليقك