'التحلطم' سمة زمننا الحاضر.. هذا ما يراه تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 712 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  مردود صرف المليارات!

د. تركي العازمي

 

بلغت قيمة المساعدات الإنمائية والإنسانية التي قدمتها الكويت على مدى ربع قرن ما يزيد على 12 مليار دينار (42 مليار دولار)، توزعت بين مساعدات ومنح ومعونات وقروض إلى الدول العربية والأجنبية («الراي» عدد السبت 26 مارس 2016).

طبعا أهتم كغيري بالمردود من تلك القروض والنسبة ولو من الناحية المعنوية وطريقة توظيف تلك المبالغ لمصلحة الدولة، أما الكيف وطريقة تناول هذا الخبر بالنسبة الى البعض ممن يبحث عن أي خبر و«هات تعليق»، لا أعيرها اي اهتمام إلا في أضيق الحدود.

الذي يهمني هو مردود صرف المليارات من الدنانير الموجهة إلى الداخل: «فهل لمس المواطن والمقيم، المردود المتوقع منها من حيث تسهيل الإجراءت وكسر الروتين٬ تطور الخدمات من تعليم وصحة وطرق وبنية تحيتة وأمن وكبح لآفة ارتفاع الأسعار»؟

هذا من الزاوية التي ينظر لها الكثير وعلى عجالة وإن حاورتهم عن أهميتها في بناء الإنسان لا تجد إجابة وقد ينتهي الحوار بــ «ها... صح كلامك شالفايدة»!

تخيل لو أنفقت مبلغا يقارب الـ 160 ألف دينار لبناء قسيمة وأنهيت التصميم بممرات ضيقة جدا، يعني بحدود نصف المتر والغرف ٣ X ٢ متر وغرفة الجلوس والصالات بحدود 5 امتار مربعة والمطبخ 3 امتار مربعة، فهل تستطيع العيش في بيت العمر...؟ طبعا مستحيل!

تخيل هذا الوضع في الكويت٬ مليارات تصرف على طرق في حدود العاصمة، والشوارع خارجها بين مزدحمة ومغلقة وتكثر فيها الحفر (طبعا الماء ما له شغل)... فهل آتت المليارات المردود المطلوب؟... لا.

لو راجعت موازنة بشقيها العام والعالي، وتابعت المليارات التي صرفت خلال ربع قرن، فهل تعتقد، الله يحفظك، إنها ساهمت في تطوير الفرد الكويتي تعليميا وتربويا؟ لا أظن ذلك... إن الفائدة تكاد معدومة والمردود الذي وجدناه نلمسه في تصريحات وزير التربية والتعليم العالي التي لا يمضي على إطلاقها يوم، إلا وهي منفية!

وأما الصحة، فحدث ولا حرج، فأبسط الأمور هنا على سبيل المثال، طب الأسنان في الصحة المدرسية٬ فإن صاح ابنك الصغير من ألم في ضرسه٬ فأنت تحتاج للذهاب في الصباح الباكر لحجز موعد وأنت ونصيبك؟

والاسكان واضحة في جزئية التوزيع على المخططات!

هذا ثابت وموقفنا ذكرناه في لقاءات عدة، نحن نبحث عن أفضل سبل الصرف التي يأتي على رأس أولوياتها بناء الإنسان الكويتي والمشكلة التي نعاني منها محصورة في كون تركيبتنا الثقافية لا تقبل المجاملة وتحرص على توجيه النصيحة ولا نحرص على ردة الفعل من كتابتها.

يقال بإن «التكرار يعلم الشطار»... ونحن وكثير من أحبتنا قد صورنا أوجه القصور ورفعنا المبادرة تلو الآخرى وتتكرر المحاولات لسنوات عدة لكن «ما في الحمض أحد»!

مختصر القول٬ على الصعيد المحلي صرف المليارات إن لم يساهم في بناء الفرد الكويتي ومكونات المجتمع (أفراد٬ عوائل٬ موظفون٬ جمعيات نفع عام٬ ونقابات...) تعليميا ٬ صحيا٬ مروريا٬ إسكانيا وإداريا (العدالة المؤسساتية في القطاعين العام والخاص) والأهم التعليم والتركيبة الثقافية، فسيبقى المردود حبر على ورق، وهو ما يزعج المواطن والمقيم ويؤثر على حالته المعنوية التي لا تجد في نهاية المطاف إلا «التحلطم» كمتنفس ووسيلة للتعبير وهي سمة زمننا الحاضر... والله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك