الرد على كُل الاحتمالات، وكُل ماقيل ويُقال وسيُقال، في المقاطعة والمشاركة- يكتب بدر الأصفر

زاوية الكتاب

كتب 1736 مشاهدات 0


في البدء ، كل جهد واجتهاد قام به أفراد الحراك الشعبي في مواجهة العبث السياسي كان له أثر واضح في كبح شهوة مشاريع تفريغ الدستور من محتواه ، وهو جهد لاينكره سوى أعمى القلب والبصيرة، وفي نفس الوقت، لا ننكر أيضا الأخطاء التي رافقت هذا الحراك، من سطوة الرأي الواحد الى وصلت إلى حد تهميش آراء معتبرة كانت رافد معين للحراك لو تم الأخذ بها، وتجاهل الناقدين الناصحين الذين لا يقلون حرصاً ووطنية من غيرهم على وطنهم .

***
كنت ( ومازلت ) على قناعة بعدم تحقق شرط الضرورة في مرسوم الصوت الواحد ، وكنت من أوائل من وقعوا على عريضة (المقاطعة) في رمضان ، وكتبت وشجعت على ذلك.
جاء الطعن المقدم للمحكمة الدستورية فكان الأمل، ذلك الوقت، في تصويب الأمور معقوداً على هذا الطعن ، وكان التفائل في ذروته وبشعور ايجابي باسقاط المرسوم من قبل سلطة هي الحكم في دستورية القوانين، بمعني أنه كان أمامنا خيار وبطريق دستوري في التعامل مع المرسوم، لذلك كانت المقاطعة مؤثرة ورسالة احتجاج سياسية مجدية بانتظار الحكم الدستوري الذي هو آخر أداة دستورية متاحة للفصل في شرعية المرسوم .
بعد سقوط هذا الخيار نلجأ لمن؟
الجواب : هناك سلطة لابديل عن اللجوء اليها ، وهي السلطة التشريعية صاحبة اليد الطولى في رسم القوانين والرقابة والتصدي لكل تجاوز أو أي محاولة لانتهاك للدستور ، والتخلي عن هذا الخيار المجدي والفعال أشبه بمن يتخلى عن سلاحه في ذروة المعركة بينما القنابل تنهال فوق رأسه ليستخدم بدلا عنه سلاح غير مجدي كندوة هنا ومحاضرة هناك !
فمن غير المنطقي أن تجلس تتفرج على خصمك وهو يلقي عليك بالحجارة ويستخدم أدواته الطويلة والموجعة دون أن تحرك ساكنا !
وأنت بامكانك ان تتسلح بنفس الأداة التي يرجمك فيها خصمك وتتصدى لضرباته ، فاذا أوجعك أوجعته ! تنهكه مرات وتسد عليه كل الثغرات مرات .
ليس مقبولا القول أن المقاطعة تأتي لأسباب ( أُضيفت لاحقاً ) تكرار حل مجلس الأمة ، وأن المجلس المقبل وان شاركت فيه المعارضة فسوف يحل ! هذا القول فاقد للحجة ، وأن كان واقعي وملموس ولاينكره أحد، ولكن هل المتضرر هنا ( تكرار الحل ) هو الشعب أم المعارضة أم أن الحالمين بتفريغ الدستور أيضا سيضيقون اذا أتاهم مجلس معارضة في كل مرة يتم فيها حل المجلس ؟
الخاسر هنا هو الكويت ولا يخفى ذلك على أحد ، ولكن هذا أقل كلفة وأخف ضرراً على مستقبل الكويت والديمقراطية من وجود مجلس موالي ' غير مزعج ' لايتم التفكير في حله لأنه يتناغم مع مشاريع تفريغ الدستور ومهادن ومغطي على الفساد وتحت الطاعة العمياء .
في هذا الحالة – وجود المعارضة في البرلمان - تكون المعارضة بصلاحياتها الدستورية في مواجهة مباشرة مع العابثين ، وحاضرةً على الدوام ورقيبة ومشرعة وتملك كل أدوات التصدي ، عكس وجودها خارج السلطة (البرلمان) وسلاحها الوحيد فقط الكلام من على منصات الندوات ، الفعل الذي يملك صلاحيات دستورية أجدى وأوقع صدى وتأثير من ' الفعل الكلامي ' من على منصات الكلام ، والفعل حتى وأن جوبه بالتهميش والتحدي والتجاهل داخل البرلمان الا أنه سيكون ذو أثر ملموس بدءا من اطلاع على كل المشاريع المعروضة على المجلس والتصدي للفاسد منها ، وغيرها من صلاحيات يتمتع بها النائب في لجان التحقيق والاستجواب والأسئلة ، وهو الفعل الذي سيحد ويكبح جماح العبث ويكشف كل صغيرة وكبيرة للشعب .
الرد على العبث بالدستور ومحاولات تفريغه من محتواه هو بالجلوس على مقاعد البرلمان المحصنة بكل الصلاحيات ، لا الوقوف امام منصات الندوات .
بعد توالي الخسائر ، لايمكن ، وتحت أي مبرر ، ترك السلطة التشريعية ، خاصة في هذه الظروف ، بيد من ينوون الانحراف بها عن أهدافها في الذود عن الوطن ومصالحه.
اني أرى أن المشاركة لم تكن في يوم من الأيام - أوجب منها اليوم - وفي هذه الظروف الصعبة التي تهدد ديموقراطيتنا .
فاذا كانت معركة المرسوم قد انتهت بخسائر محدودة ، فأن معركة الدستور ، اذا خسرناها ، فسوف نخسر كل حصون الديموقراطية !

***
* هذا المقال كتبته في حسابي على تويتر يوم الثلاثاء 2013/6/18
بعد حكم المحكمة الدستورية بدستورية مرسوم الضرورة ( الصوت الواحد ). ومناسبة إعادة نشر هذا المقال أن الساحة السياسية بدأت تشهد هذه الأيام دعوات صريحة، وإن كانت متأخرة، للمشاركة في الانتخابات المقبلة، ووجدت أن أغلب هذه الدعوات يتطابق مع ما طرحته في هذا المقال آنذاك .

• بدر الأصفر
@balasfar

بدر الأصفر

تعليقات

اكتب تعليقك