الترشيد يبدأ من الجهات الحكومية.. برأي عادل الإبراهيم
زاوية الكتابكتب إبريل 5, 2016, 11:22 م 535 مشاهدات 0
الأنباء
قضية ورأي - زيادة الكهرباء والإستياء الشعبي
عادل الإبراهيم
الحدث الأبرز على الساحة المحلية حاليا، يكاد ينحصر في المقترح الحكومي المتعلق بزيادة تعرفة الكهرباء بما يقارب خمسة أضعاف والماء بنسب متفاوتة حيث انشغلت كل من السلطة التشريعية عبر تصريحات عدد من أعضائها برفض تلك الزيادة غير المبررة والمبالغ فيها واللجنة المالية وما دار فيها من نقاشات ليس برفض الرسوم نهائيا بل العمل على تجميلها بصيغة أخرى، وفي النهاية تمريرها كما تريد السلطة التنفيذية لتحميل المواطن والمقيم تبعات الإسراف وعدم ترشيد إنفاقها وكذلك السلطة التنفيذية وتبريراتها لتسويق تلك الرسوم عبر تصريحات المسؤولين بوزارة الكهرباء وفق تصوراتهم وتحليلاتهم للزيادة بانها لا تثقل المواطن وأنها وان كانت هناك زيادة فإنها ليست بالشكل المتصور من البعض..لم ترق إلى المنطق.
وأقول للأسف فان المقترح الحكومي سيرى النور عبر القنوات التشريعية، على الرغم من تصريحات بعض أعضائها، كما فعلت مع الزيادة العالية لأسعار الديزل على الرغم مما صاحب ذلك من ردود افعال من الجميع اعضاء وكتابا ومحللين، الا ان الامر في النهاية حسم للزيادة الحكومية واصبح امرا واقعيا الان على الرغم من انخفاض سعر الديزل عن الزيادة الأصلية في الوقت الحالي وفقا لأسعار السوق السائدة للنفط (دون ان نعرف ما تم تحصيله للخزانة العامة)، وآخرها زيادة رسوم اصدار البطاقة المدنية لأكثر من الضعف ولم تكن هناك اي ردة فعل تجاهها وأصبحت امرا واقعيا لأنها زيادة سنوية لا تؤثر بشكل مباشر على المواطن والمقيم ولكنها في آخر المطاف زيادة!
ومن جانب آخر، تزخر وسائل الاتصال الاجتماعي والمقالات في الصحف بالآراء المضادة لتلك الزيادة للتعبير عما يجول في النفس وما تحمله تلك الآراء من تفنيد للرؤية الحكومية من ان الزيادة ستكون خمسة اضعاف وفي احسن الاحوال اربعة اضعاف وسيكون التأثير الاكبر على المصانع الكبيرة المنتجة وكذلك المزارع، مما سيؤدي الى تبعات كثيرة لهم ان لم يتم النظر بعين الاعتبار لما سيعانونه ومعنى ذلك ان ما قد يدخره المواطن والمقيم والتاجر والمزارع ان كان هناك ادخار اصلا سيجد طريقه للخزانة العامة دون اي تبرير منطقي لهذه الزيادة، وهذا فعلا هو واقع الحال الذي سيكون وسيجد المواطن عندئذ نفسه ملزما باتباع سياسة الترشيد للتكيف مع تلك الزيادة والعمل على اغلاق عدد من اجهزة التبريد وغيرها وما يتبع ذلك من ضغوط نفسية داخل الاسرة، حيث ان على الجميع الالتزام بالترشيد وتخفيف بنود الصرف الحياتية الاخرى لتغطية نفقات استهلاك الكهرباء! ولسان حاله يقول: دوام الحال من المحال.
نقول ونكرر كما اشرنا في مقالات اخرى الى ان الترشيد يبدأ من الجهات الحكومية التي عليها اولا المبادرة بتسديد ما عليها من مبالغ للخزينة العامة واتباع سياسة ترشيد الانفاق وكذلك المسؤولين الكبار سواء بالمميزات المالية او العينية او الاسراف في المناسبات والهبات والقروض الخارجية، والحد من استخدام الطائرات الخاصة في اضيق الحدود وتنفيذ الاجراءات المحاسبية المناسبة للجهات الرقابية والبدء بالمجمعات والمحلات والمطاعم التجارية المسرفة في الاستهلاك وزيادة الرسوم على القسائم الصناعية التي تؤجر من الباطن في تحد صريح للغرض الذي منحت لأجله، وغيرها كثير.. كما انه يحق لنا ان نتساءل هل هناك عدالة في تطبيق الزيادة على المواطنين والمقيمين دون مراعاة لعدد افراد الأسرة؟ لماذا لا يتم استثناء من له منزل واحد وفقا للرسوم السابقة؟ وأيضا الا يجدر بوزارة الكهرباء تقنين المخططات الكهربائية بكل انواعها وخاصة للمنازل قبل اعتمادها ان كانت فعلا تعمل على تبني ثقافة ترشيد الاستهلاك؟ عندها سيكون المواطن والمقيم مع اي(زيادة منطقية) للخدمات التي اعتاد عليها بأسعار زهيدة طوال عقود مضت وتكييف مدخوله المادي، ولكن ستجد الزيادة طريقها للتنفيذ وتخفت الأصوات لتعود مرة اخرى لأي زيادة اخرى، وأيضا ستجد طريقها للتنفيذ مما سيولد في النهاية طبقتين دنيا وعليا في المجتمع واضمحلال الطبقة الوسطى التي هي صمام الأمان للسلم الاجتماعي لأي مجتمع، فهل تعي السلطة التنفيذية والاجتماعية؟ هذا ما نأمله وكذلك النتائج السلبية للزيادة بإعطاء زخم للمعارضة والنتائج المتوقعة للانتخابات القادمة.
تعليقات