علاقة مصلحة لا قيم مشتركة.. محمد الوهيب متحدثا عن العلاقات السعودية- الأمريكية

زاوية الكتاب

كتب 1051 مشاهدات 0

د. محمد الوهيب

النهار

رآي-العلاقات السعودية - الأميركية

د. محمد الوهيب

 

للعلاقات السعودية - الاميركية تاريخ طويل لن اقوم بعرضه هنا، ولكنني ساحاول التركيز على تلك التطورات في السنوات الاخيرة التي قد دعت الكثير منا للتفكير بانتهاء هذه العلاقة التاريخية بطلاق، بدأت الازمة اذ جاز هذا التاريخ في الحادي عشر من سبتمبر مع «غزوة مانهاتن» كما اسماها الارهابي السعودي بن لادن، المسألة لدى الكثير من الاميركان آنذاك بدت واضحة: يجب اعادة النظر في طبيعة علاقاتنا بالمملكة، والمسألة هنا باتت «شخصية» كما سمعت من مسؤولين اميركان، القضية شخصية لان الكثير منهم قد فقد اقرباء ومحبين في هذه الحادثة البشعة، اليوم يسعى بعض اعضاء الكونغوس لتمرير قانون يسمح لاقرباء الضحايا باللجوء للقضاء للحصول على تعويضات من دول كان لها دور في هذا الحادث، واليوم ايضا يسعى السيناتور كريس ميرفي لتمرير قانون يضع من خلاله شروطا كثيرة على بيع الاسلحة للسعودية، واليوم ايضا تهدد السعودية ببيع اصول لها في الولايات المتحدة بمبلغ 750 مليار دولار العلاقة بين الشريكين ليست على ما يرام.

بل ان الصراخ داخل المنزل بدأ يسمع خارجه: فهذا اوباما يصرح في مقابلته الشهيرة «عقيدة اوباما» ان «على السعودية ان تجد طريقة فاعلة للمشاركة في هذا الاقليم، وتأسيس سلام بارد مع ايران»، لا اعتقد ان السعوديين قد احبوا هذا القول، بل انه فور ظهور هذا اللقاء، ظهر مقال للامير تركي الفيصل ينتقد فيه الادارة الاميركية الحالية ويذكرها بما نسيت.

اميركا التي كانت تنظر لايران على انها احد محاور الشر في هذا العالم، اصبحت تنظر اليها كشريك في احلال السلام في العراق وسورية اميركا ايضا لم تسمع نصائح مباشرة من السعوديين في العديد من الامور التي تخص المنطقة.

النظرة الاميركية اليوم للعلاقات السعودية - الاميركية باتت واضحة، وهي على حد تعبير احد كبار موظفي وزارة الخارجية: علاقة مصلحة لا علاقة قيم مشتركة، بل ويتحدث مسؤولون اميركان خلف الابواب المغلقة مصرحين ان السعودية ليست حليفا بل شريكا.

السعودية من جهتها، ترى ان الادارة الاميركية لم تقدر وضعها بصورة جيدة فالسعودية محاطة باعداء في الشمال والجنوب والشرق، ومن مهمة الحلفاء ان كانوا كذلك بالفعل، ان يقفوا الى جانب بعض، ولكن السعودية تدرك اليوم بما لا يدع مجالا للشك تغير السياسة الاميركية وبدأت باظهار غضبها وعدم رضاها على هذا «الشريك».

«الشريك» من ناحية اخرى يدرك ان هذا الوجه الغاضب للسعودية تجاه اميركا لا يمكن الاستمرار به طويلا، هل الشريك الاميركي محق في اعتقاده هذا؟ لا يبدو ان الامر كذلك.

رد الفعل السعودي، وبمخالفة للتوصيات الاميركية بعدم اعدام نمر النمر، كان ان قامت بذلك، بل وهددت بتصعيد اكبر يصل لضرب الاقتصاد الاميركي، كلنا يذكر هذا التصعيد الايراني عقب اعدام النمر وما يترتب عليه من اقتحام للسفارة السعودية ومحاولات التهدئة الاميركية التي تلتها؟ كلنا يتذكر اتصال جون كيري بظريف وزير الخارجية الايراني الذي رد فوريا على اتصال كيري ووعد بمحاسبة المسؤولين اما عند اتصال كيري بنظيره السعودي عادل الجبير، فلم يتلق هذا الاخير اتصاله، ولم يرد عليه سوى في اليوم اللاحق، تنظر اليوم المملكة وبكل جدية للبحث عن شراكات وتحالفات جديدة، فها هي تتجه لفرنسا لتعقد عقود تسليح ضخمة معها كما تتجه لروسيا كذلك.

المقلق في تدهور العلاقات السعودية - الاميركية اليوم هو انحراف مصالح كل دولة عن الاخرى الامر الذي يدفع بالكثير منا للاعتقاد ان هذه العلاقة التاريخية بين الشريكين في طريقها للطلاق، هل هذا ما سيحدث بالفعل؟ لا يمكن لاحد التنبؤ بالمستقبل، الا ان الامر المؤكد هو انه حتى في حال وقوع الطلاق فليس من الضروري ان يكون هذا الطلاق بائنا.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك