شعوب تعقل بعد الفواجع بقلم عبدالعزيز الدويسان

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الدويسان 1373 مشاهدات 0


قبل أيام وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى مدينة هيروشيما اليابانية ليصبح أول رئيس أمريكي في السلطة يزور المدينة التي ألقت عليها القوات الأمريكية أول قنبلة ذرية خلال الحرب العالمية الثانية قبل 71 عام .

الموت الذي هبط من السماء بالقنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما و ناجازاكي في 6 و 9 أغسطس 1945 وبعدها بأيام أعلنت اليابان استسلامها ، القتلى بعشرات الآلاف والمشردين والمنكوبين والمصابين ومن هول الصدمة من أصبح من المجانين ، المدن احترقت .. الديار دمرت .. البشر شردت .. الجثث انتشرت ، صدمة ما بعدها صدمة من هول ما حدث لم تقف مكتوفة الأيدي وتحسرت وتوقفت بل عملت وأرادت الانتقام من التاريخ والوقوف على قدميها من جديد .

بعد الحرب عقد اجتماع بين القادة الحكوميين والقادة الصناعيين وقادة المجتمع التربوي ليضعوا خطة تحقق الأهداف وتعيد الكرامة الوطنية وتعيد الازدهار لليابان .

فقرروا أن هدفهم  ( بالخمسينات ) أن يصبحوا الأمة الأولى في العالم بإنتاج النسيج فبلغوا الهدف ، في ( الستينات ) ليصبحوا الامة الاولى في العالم بإنتاج الفولاذ ، وقد كان تحقيق الهدف بمثابة المستحيل لعدم امتلاكها الموارد الطبيعية وعليهم استيرادها من مسافات بعيدة وبناء معامل الفولاذ والتصنيع وإعادة شحنه ثم بيعه بسعر تنافسي وتم تحقيق الهدف ، في ( السبعينات ) الهدف الأمة الأولى في إنتاج السيارات فبلغوا الهدف ، في ( الثمانينات ) الهدف لنكون البلد الأول في إنتاج الإلكترونيات فحققوا الهدف ، وضوح الأهداف المرحلية والزمنية الواضحة أوصلت اليابان للقمة .

ومن عوامل نجاح اليابان والنهوض من جديد تطبيق مبادئ إدارية من بينها إدارة الجودة الكاملة ، والعمل ضمن فريق عمل وروح الفريق ، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية بالإضافة للتشجيع على الابتكار والتطوير إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة  ، ركزت على العقل البشري الذي يعتبر أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع ، وكذلك الشخصية اليابانية منضبطة ،‏ تقدس الوقت ،‏ وتحترم النظام‏ ،‏ وتبدع من ضمن الفريق الواحد‏ ،‏ وتلتزم وبشدة بآداب التعامل ‏،‏ وأخلاقيات المتاجرة رفيعة وموصوفة بالصدق والأمانة ، كما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين،‏ والإحساس بالعيب المجتمعي الذي يخلق بالمواطن الياباني منذ صغره قاسية‏ ، ولا يرحم القانون الياباني الغني أو الفقير‏ ،‏ فحينما تكتشف المخالفات‏ تدرس أسباب حدوثها ،‏ ويحاسب مرتكبوها وتمنع تكررها‏ ، بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار ، لذلك يعتذرون ويعترفون بأخطائهم في معظم الأحيان‏ .

أصحاب العيون الضيقة قدموا درسا للتاريخ من الدمار إلى الإعمار والوصول للقمة بعد السقوط والانكسار ، لم يبكوا على اللبن المسكوب ولم يضعوا الحرب والدمار شماعة بل بداية لمستقبل مشرق ، عنوان المقال تغريدة للكاتب محمد النغيمش ( هناك شعوب تعقل بعد الفواجع وشعوب لا تتعض بأي فاجعة ' تغريدة أشعلت فكرة المقال ، اليابان إبداع من نوع آخر .  

الآن - عبدالعزيز الدويسان

تعليقات

اكتب تعليقك