تركي العازمي يكتب عن رحيل محمد المزعل
زاوية الكتابكتب يونيو 2, 2016, 11:55 م 864 مشاهدات 0
الراي
وجع الحروف - رحيل محمد المزعل...
د.تركي العازمي
كان للحديث معه قيمة مضافة٬ وعندما يتحدث لا تستطيع مقاطعته وما عليك سوى الانصات برغبة.
وبما إنني أفهم نوعاً ما في لغة الجسد٬ فقد كان صدق نظرات عيناه وهو يخاطبني واضحة وتظهر معالم المحبة الخالصة لوجه الله وكانت ابتسامته لها انعكاس طيب على كل من يجلس معه.
عندما عاد من رحلة العلاج في منتصف العام 2014 كان بيني وبينه طلب وكان رده «أبشر متى ما حصلت فرصة مناسبة ستجدني أول الحضور»... وطال الانتظار حتى حان الوقت.
وفي يوم 25 مايو، أرسلت له الدعوة لحضور حفل عشاء افتتاح الديوانية، وتحدثت معه وعلى أمل أن نلتقي، لكن قدر الله وما شاء فعل حيث وافته المنية إثر حادث، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنه محمد مزعل بن مريف العازمي المعروف بأبو جاسم -رحمة الله عليه - فقد كان بمثابة الأب والأخ الكبير لكل من يتحدث معه.
ذكرته اليوم ونحن في زمن قل فيه هذا النوع من الرجال وإنه من باب المحبة له ولكل فرد يتصف بصفاته الطيبة وندعو المولى عز شأنه أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته.
من هذه المقدمة نذكر كل نفس أعمتها مغريات الحياة وسرها رغد العيش وثوب العافية، فأنا وأنت وكل إنسان عاقل يدرك ان آخر الحياة قبر صغير ولا يبقى معك سوى الكفن، القطعة القماش من القطن التي يلف بها جسدك وعملك في دنياك، فإن أحسنت فأجرك عند الله.
أنا وأنت معرضون للخطأ وخير الخطائين التوابون، كما ورد في الحديث الشريف الذي ذكره صفوة الخلق خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم... خاتم الأنبياء الذي لا ينطق عن الهوى، كما جاء في الاية الكريمة.
أنا وأنت نتابع الصراع والشد والجذب على الساحة ولا يخفى علينا بعض ما يشوب تلك المشاركات من سب وقذف وتدليس وخداع ونفاق وغيره من السلوكيات غير محمودة. تلك السلوكيات أوقعت الضرر على الكثير وزادت من رصيد السيئات ولا يمكن لكائن من كان، أن يكون بمعزل من سهامها ويبقى النزيه محتسباً الأجر من الله والأخلاقي هو الكاسب في نهاية المطاف.
إنني لأحزن على كل من تمطى تمطي الشيطان، وتكبر وتعالى، وما أن يتعرض لأزمة صحية إلا ونجده في حال ندم شديد على ما بدر منه.
تذكر إن ما يدفعك للشر٬ الحسد٬ النميمة٬ الغيبة٬ البهتان أو أي سلوك مشين إنما هو من الشيطان: فلماذ نطيعه وإن تبعه الكثير ؟
تمعن في قصة نبينا يوسف عليه السلام مع إخوته الذين رموه في البئر وادعوا أن الذئب قد أكله، فبعدما جلس على العرش وسجد إخوته بين يديه٬ لم يعاتب منهم أحداً ونسب الأمر كله إلى الشيطان «...من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي»... إنها دروس نمر عليها ونقرأها ولكنها النفس البشرية وهوى النفس الأمارة بالسوء.
فماذا نحن فاعلون في شهر رمضان المبارك المقبل علينا بعد أيام قليلة من نشر هذا المقال؟
ختم القول٬ اللهم اغفر لحبيبنا أبو جاسم وارحمه يا عزيز يا كريم وارحم جميع موتى المسلمين وهب ولاة أمرنا البطانة الصالحة التي تعينهم على إصلاح ثقافة أحبتنا وصلاح عمل مؤسساتنا وأن يبسطوا علينا حالة من التسامح تمحي أخطاء الماضي القريب كي نبني مستقبلا أفضل ونشعر بأن الأخلاق هي عنوان المرحلة القادمة... والله المستعان.
تعليقات