سارة الدريس تكتب: المقاطعون الصادمون .. المشاركون المرجفون

زاوية الكتاب

كتب 4025 مشاهدات 0


قلنا ونعيد .. وفي الإعادة لاشك الإفادة .. رغم أني بدأت أشك في هذه المقولة .. إنه في تاريخ الكويت كلما وصلت معارضة إصلاحية إلى مجلس الأمة، تقوم السلطة بتفتيتها، تارة عبر حل المجلس، وتارة عبر تزوير الانتخابات والانقلاب على الدستور، وتارة عبر تغيير النظام الإنتخابي، وتارة عبر مجلس وطني معين .. الخ، يحدث بعدها حراك شعبي معارض، ثم قمع وملاحقات، ثم تستسلم المعارضة وترضخ للأمر الواقع و تعود لمربع السلطة صاغرة ، و كلام السلطة يمشي ‘بقيمة و بمطاعة’ .. و المؤسف أنه على طول مدة الحياة شبه الديمقراطية في الكويت ابتلينا بمعارضة قصيرة نفس ، سرعان ما تتشرذم و تتراجع و تتفكك ، و تنقسم إلى مقاطعون و مشاركون و نحن نعيش سيناريو مكرر و ممل و سامج لا جديد فيه ، و ردود فعل مكررة ، و نلدغ من ذات الجحر ألف مرة ، ولا نتعلم! ..

 

و الان نحن في مواجهة مع ذات السيناريو .. لو تكبدنا عناء قراءة التاريخ لربما اختزلنا مواقف و مهاترات كثيرة .. و ليست مشكلتي الان مع المشاركين منذ البداية .. الذين يقبلون كل قرارات السلطة بمنتهى الانصياع و يرفعون شعار السمع و الطاعة .. بل أولئك الأحرار .. الذين كانوا يصيحون في الشوارع 'حرية حرية' .. 'نكسر الخشم العنيد و لا نبالي' .. وأكاد أقع في هستيريا ضحك تسقطني أرضا وموجة بكاء تقتلع عيني من محجريها في آن واحد وانا اتذكر قهرا قمع المسيرات، الضرب بالقنابل الصوتية والدخانية، الحبس الاحتياطي، السجن، سحب الجناسي، لن نسمح لك، مسلم البراك، عياد الحربي، سجني 'بو دقيقتين لا تزعل'، وكل من ضرب وسحل واعتقل، ‏كل هذا نسوه ، وتحت المكيفات يحدثونك عن فن الممكن!، هل النضال والحرية فن ممكن؟، هل في الحرية و الإرادة والكرامة مساومة وسياسة؟

‏الآن بكل ذل تعود المعارضة لمربع السلطة وتشارك تجر أذيال الهزيمة بنظام الصوت الواحد الذي عارضته واعتبرته انتهاك لإرادة الأمو وإهانة لكرامة الشعب! .. تعود لتشارك رغم بقاء الأسباب التي قاطعت من أجلها كما هي .. ماذا تريد السلطة أكثر من ذلك؟، عاند وستشارك رغم أنفك، وسترى كيف أن 'خشم العنيد' مرغ أنفك في التراب مع ضربة على قفاك وستشارك متهللا ضاحكا حابسا دمعك كاتما وجعك حتى تضحي عبدا ينضم لباقي القطيع، تردد سمعا وطاعة، حل تغيير نظام مشاركة، إبطال تغيير نظام مشاركة، تزوير انقلاب على الدستور لامشكلة ، هكذا كانت تقول السلطة وهذا ما تحقق ..

يقول المقاطعة موقف وليس مبدأ، وكأنه ملك حجة بهذا، يا ابني على ماذا تتخذ وتبني مواقفك؟، الا تبنيها على مبادئ؟ ، هل مات المبدأ الذي قاطعت من أجله؟، ألم تقاطع لأنك ترفض العبث في إرادة الأمة؟، ما لك يا عزيزي تريد المشاركة في ذلك العبث؟!، بهذا ستعزز نهج السلطة مشاركا في طول أمده، وستعطي لمرسوم السلطة الفردي شرعية، آجلا مع الأسف مهزوما ورغم كل الخسائر! ..

‏على مر التاريخ لايوجد شعب انتزع حقوقه بعام أو عامين او ندوه او مسيره ، الشعوب الحره لاتتراجع وتستنزف أعوام من تاريخها وأرواح من أهلها حتى تبلغ النصر، حتى ترفع راية الحرية، ولامساومه أو مهادنه على الحرية و الكرامة ..

من ناحية أخرى ‏ما الضمانه ان لايحل المجلس القادم ويغير النظام الانتخابي من جديد؟، لأي سبب وأي حدث عارض، ما الضمانة أن لاتحل إرادتك بخطأ إجرائي؟، هل ستقاطع سنه وتعود لمربع السلطة صاغرا كالعادة؟، هل ستعيد ذات المشهد الممل كما تعيده الآن؟، إن كان لإنسان قليل من الاحترام لنفسه هل يقبل أن ينحني كل مره لإرادة فردية استهانت بكل تلك الطوابير التي وقفت في الحر تارة و و هي صائمة تارة أخرى لتختار ممثليها؟، هل يقبل تلك الوصاية على خياراته؟، بربك كيف تفهم الكرامة وكيف تستشعرها؟، خسرنا؟، نعم خسرنا .. فهل كنت تتوقع أن تعطيك السلطة حقوقك وجزء من صلاحياتها على طبق من ذهب؟ ..

ولأخفف الحده لاألقي بجل لائمتي على الناس البسطاء بل على السياسيين، وأقول ألوم رغم أني أرى في وجوههم الخزي، أما كان ينبغي وأنتم معارضة وقادة أن تجتمعوا حول مشروع؟،  بماذا خرجنا من حفلات الشاي و التصوير التي كنا ننتظر فيها منكم بيانا كأضعف الإيمان يا آخر أغلبية شرعية؟، أما كان من الأجدى أن تبحثوا طرقا جديدة لتفعيل المقاطعة وبحث أسباب الفشل وكيف نخرج من عنق الزجاجة كونكم سياسيين وبحث المخارج والوسائل والتخطيط وطرح الرؤى مسؤوليتكم، عوضا عن الردة والهوان والتخاذل بالعودة للمشاركة؟، أفلستم وبانت ضحالة فكركم وقلة حيلتكم فهل ستثمرون داخل المجلس؟، حتى هذه اللحظة متمسكين بالكرسي الأخضر رغم أنكم أحد أهم أسباب الأزمة، وما القوانين التي حوكمنا بسببها ودفعنا ضريبتها إلا نتاجكم في مجالس سابقه، ومازال المساكين يصفقون لكم، وليتهم ينوون تغيير خياراتهم ودعم أسماء جديدة، بل إعادة ذات البلاء، ندور في دائرة، نعود لذات النقطة دائما! ..

الطريف أن من ينوون المشاركة يحدثونك عن غياب المشروع في المقاطعة رغم أن المقاطعة وسيلة اعتراض، وسيشاركون هم بلامشروع وبلاقضية وبلاتنسيق أيضا ولك أن تتخيل حجم التضارب الذي سيحصل بين ٥٠ شخص كل منهم يعتبر حزب لوحده!، كل منهم سيترشح بلون لوحده و'سالفه' لوحده وكل منهم يغني على ليلاه لوحده، و ذ مسرحية سامجة و'لويه ما بعدها لويه'، يذكرني هذا الحال بمقولة الأبلة المصرية 'ده عك يا بنتي' ..

 

المشاركة بلا قضية ولا مشروع سياسي إصلاحي توافقي تعده مجموعة تترشح من أجله وعلى أساسه هو عودة لمصالح من اناس يتراكضون لالتقاط الفتات ، واسطة علاج في الخارج 'مشي لي وامشي لك' ، ليس همهم اصلاح وطن ولا اصلاح نظامه ولا ديمقراطية حقيقية ولا احزاب سياسية فعالة ولا مجلس يعد انعكاس حقيقي عن الارادة الشعبية ولا هم يحزنون ، وارجوك ان لا تتحدث عن فشل المقاطعة وانت مشارك سابق او تنوي المشاركة .. المقاطعة تفشل بمشاركتك انت .. المقاطعة يفشلها المتخاذلين، فالمقاطعة كموقف بحد ذاته ولو كان بلا مشروع كان مزعجا للسلطة وكان سيحقق نتائجه لولا ارتدادكم .. ولا تحدثني عن الاصلاح من داخل مجلس تملك السلطة قرار حله بجرة قلم! ..

عموما التاريخ لن يتغير بأولئك الخاضعين المرجفين المرتدين، قصيري النفس قليلي الحيلة ، بل بمن يسلكون طريق الحق رغم قلة سالكيه ..

 لن أشارك بمجلس صوري ومسرحية عبثية، لن ألعب دور الأرنب في المسرحية على رأي د.عبيد الوسمي، ولن أكون ذاك الذي يسحب حبل الستارة، ستار الشرعية على مسرحية مرسوم الصوت الواحد، أقول قولي هذا وكأني أسمع مسلم البراك بكل عنفوانه حين كان يردد بيت لعبيد ابن رشيد :

 'عيب على اللي يتقي عقب ما بان ..

وعيب طمان الراس عقب ارتفاعه '

واعود لما قبله متممه مقالي :

'اضرب على الكايد لا صرت بحلان ..

(قاطع) وعند الولي وصل الرشا وانقطاعه'

سارة الدريس

الآن - سارة الدريس

تعليقات

اكتب تعليقك