عن المعاناة في المستشفيات الحكومية .. يكتب محمد العطوان

زاوية الكتاب

كتب 380 مشاهدات 0

محمد العطوان

الراي

خواطر صعلوك- إلى السيد وزير الصحة

محمد ناصر العطوان

 

نهارك سعيد ياسعادة الوزير.

لا أريد أن أطيل على معاليك لأني أعلم أنك مشغول،لأن الوزارة يهمها جداً أن تبقيك مشغولاً دائماً في أمور عادة لا تتعلق بالوزارة.

إنه السستم يا معالي الوزير،الذي يقيد حركة الوزير ويطلق مربعات الشطرنج وحرية الحركة للأفيال والأحصنة والجنود.

ببساطة وبدون فلسفة أعرف صديقا حدثني قائلا إنه ذهب إلى المستشفى لكي يجري عملية (لحمية) لابنه ذي العامين والذي لا ينام مرتاحا بسبب ضيق التنفس الناجم عنها.

ويكمل صديقي المواطن: «وبمجرد أن ذهبت للمستوصف التابع لمنطقتي والذي بدوره أعطاني تحويلا للمستشفى حتى اكتشفت أنني كويتي على الورق وبلا ملامح على الأرض، وأن أسرع الإجراءات في هذا البلد هي إجراءات دفن الموتى، أما إجراءات معالجة الأحياء فبطيئة بطء مسيرة التنمية على الدائري الخامس».

وإذا كان الفراعنة برعوا في تحنيط الأموات فإن هذا المستشفى برع في تحنيط الأحياء، حيث ان الدخول لأي غرفة يحتاج منك انتظار دور طويل ورقم أطول من برج التحرير.

يقول صديقي المواطن الذي يقطر فمه عسلا وواقعه حنظلا، والذي لا يريد سوى أن يكون ولده معافى في بدنه وآمنا في سربه وعنده قوت يومه «وبعد أن دخلت على الطوارئ طلبوا مني أخذ موعد من العيادات الخارجية لكي يقوموا بإجراء الأشعة للطفل، ثم جئت بعد ثلاثة أيام صباحاً وانتظرت الدخول على الطبيب والذي بدوره أعطاني ورقة الأشعة، وأنا بدوري ذهبت إلى قسم الأشعة وانتظرت طويلاً هناك حيث شاهدت مشاجرات الناس وصراخهم وسبابهم على الروتين، ثم أخذت الأشعة وذهبت إلى الطوارئ مره أخرى والذين بدورهم حولوني إلى العيادات الخارجية مره أخرى، ولكن هذه المره قسم (الأنف والأذن والحنجرة) وانتظرت طويلاً للدخول على الدكتور والذي بدوره أعطاني موعدا لإجراء العملية بعد شهور».

وأنا بدوري كاتب المقال لا ألوم الدكاترة أو الموظفين أو الإداريين، فكان الله في عونهم ما كانوا في عون الناس، ولكني ألوم (السستم) الذي ينظر للمريض على أنه متسابق ماراثون عليه أن يجتاز سباق العشرة كيلومترات هو وابنه ذو العامين، ثم بعد ذلك يعطف عليه هذا (السستم) ويضع له موعدا بعد شهور.

هذا (السستم) الذي يتحرك إذا جرح إصبع مسؤول ويتباطأ مع الآخرين، ما يجعل الآخرين يلجأون للواسطة والمحسوبية، ثم نتساءل جميعاً من أين يأتي الفساد؟

عموماً أنا آسف على الإطالة وأترك معاليك مع الجملة الأخيرة التي قالها لي صديقي المواطن والذي بمجرد أن انتهى من أخذ موعد العملية أخذ الورقة ثم توقف عند باب المستشفى متأملاً حيث ذهب به خياله لأماكن لا يحبها ثم قال «إذا كانت هذه طريقتهم في التعامل مع (اللحمية) فكيف يا ترى يتم التعامل مع (البواسير) اللهم استرنا».

عموماً لا أريد أن أطيل على سيادتك رغم أن شهيتي مفتوحة للتفلسف والتنظير، ولكني فقط أريد أن أنقل لسيادتكم صرخة هذا الرجل (وأوقفوا السستم قبل أن نختنق). صلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك