يعقوب حياتي يختلف مع جريدة الوسط في ذكرى الغزو
زاوية الكتابكتب يوليو 25, 2007, 9:21 ص 583 مشاهدات 0
جذوة انسانية
افتتاحية صحيفة »الوسط« بين الرأي والرأي الآخر!
كتب الاستاذ الديبلوماسي محمد سعد العودة افتتاحية صحيفة »الوسط« في يوم
السبت الموافق 21/7/2007 بعنوان »الجاهلية والسياسة الخارجية« جاء فيه حرفيا
بأمانة لتكون تحت سمع وبصر القارئ الكريم ما يلي:
»مع اقتراب الذكرى السابعة عشرة للغزو العراقي لدولة الكويت يتعين استحضار
العبر والدروس واعادة النظر في بعض المفاهيم والمصطلحات التي عفا عليها الزمن
وتجاوزتها الاحداث بما يحقق المصالح العليا والامن القومي لبلدنا العزيز
بعيدا عن الانفعالات والمزايدات والاتجار بالشعارات التي دأبت بعض القوى
السياسية لدينا على اجترارها من دون ادراك منها لمدى فداحة الاضرار التي
تلحقها تلك الممارسات بصورة ومصالح ومستقبل الوطن وعلاقاته بمحيطه الاقليمي
والعربي. ومن ابرز تلك الشعارات الممقوتة الاستمرار في تصنيف الدول العربية
الشقيقة وتبويبها في تعريفات جامدة طبقا لاحداث وتداعيات كارثة الغزو العراقي
من دون الاخذ في الاعتبار المتغيرات الهائلة التي مرت على المنطقة وغيرت من
شكلها وطبيعة العلاقات بين دولها, فضلا عن اختفاء النظام العراقي السابق وكل
ما كان يمثله من مفاهيم بالية ولاتنتمي الى العصر.
ان إصرار بعض القوى السياسية لدينا على استخدام مصطلح »دول الضد« لايصب الا
في اطار محاولة عزل وتغريب الكويت عن محيطها الطبيعي وتحجيم دورها السياسي
والاقتصادي ووضع العراقيل أمام الديبلوماسية الكويتية وقدرتها على تحقيق
اهداف السياسة الخارجية التي تتلخص في هدف سام هو حماية الامن القومي ودعم
وتعزيز المصالح والاستثمارات الكويتية في الدول العربية الشقيقة بما يحقق
ترابط وتكامل اقتصادياتها وتقارب شعوبها, الامر الذي يضمن عدم تكرار تجارب
الماضي المريرة, ويحقق وحدة حقيقية بين دول المنطقة مؤسسة على المصالح
الحقيقية وليس على الشعارات السياسية الجوفاء التي جلبت الكوارث والتخلف
والدمار لامتنا العربية طوال القرن الماضي.
من الجلي ان تكرار تلك المصطلحات الممجوجة التي فقدت مضمونها ومبررات وجودها
يشكل ضررا كبيرا على علاقات الكويت السياسية, ويغلق الابواب المشرعة أمام رأس
المال الوطني الكويتي في تلك الدول, ويخرب اجواء الانفتاح الاقتصادي والتجاري
التي بدأنا نلمس ثمارها بين الدول العربية فضلا عن الاضرار بدول عربية شقيقة
تشكل عمقا ستراتيجيا للكويت والمنطقة الخليجية, وتشكل ايضا حدودها الطبيعية
مع دول الجوار الاجنبية كالسودان والاردن واليمن التي تحتاج منا الى كل دعم
وتأييد وهي تواجه اخطارا داهمة تهدد أمنها واستقرارها وسيادتها بل حتى في بعض
الاحيان كيانها الوطني. اننا ونحن نخاطب وعي ووطنية قوانا السياسية وحسها
العربي والاسلامي لنرجو منها الابتعاد عن إغراء الاندفاع وراء الكسب السياسي
المحلي المحدود على حساب المصلحة الوطنية والقومية الاشمل, وادراك ان قوة
ومنعة الكويت انما تكمنان في قوة واستقرار وازدهار محيطنا العربي الاوسع.
ان السياسة الخارجية يجب ألا تدار بعقلية الانتقام والثأر والتشفي, التي
لاتزال تعشش في اذهان البعض منا منذ حروب الجاهلية الاولى, ولا بعدم القبول
بسياسة التسامح والواقعية الهادفة لكسب الاصدقاء والحلفاء وتحييد العداء
بالتواصل ومد جسور التفاهم والمحبة معهم إعمالا لسياسة العقل التي غابت طويلا
عن سياساتنا العربية«.
وليتكرم الاستاذ الديبلوماسي محمد سعد العودة وليأذن لي بالاختلاف معه في
افتتاحيته بعنوان »الجاهلية والسياسة الخارجية« سالفة الذكر اختلافا بينا من
باب ابداء الرأي الاخر المناهض لرأيه وذلك للاسباب التالية:
السبب الأول: ان فن كتابة الافتتاحيات في الصحف التي تحرص حرصا شديدا على
الموضوعية واحترام عقلية القارئ والمصالح العليا للوطن العزيز تختلف اختلافا
بينا عن ابداء الرأي الشخصي لكاتب المقالة العادية, حيث ان الافتتاحيات وفق
اصولها المهنية تلخص سياسة الجريدة وتوجهاتها الوطنية واتجاهاتها السياسية في
القضايا المطروحة, وتكون بمثابة العامل الجاذب في استقطاب القارئ لها واحسب
ان جريدة »الوسط« الناشئة تحرص حرصا شديدا على علاقتها بالقارئ اليومي وجذبه
الى صفها بالحق وهو أمر انحسر عن هذه الافتتاحية في مبناها ومعناها وفي لغتها
ومقاصدها.
السبب الثاني:ان هذه الافتتاحية تركز على نقد جارح وشديد لفريق من المواطنين
وبعض القوى السياسية التي لها موقف ثابت لايتغير من »دول الضد«.. ولا اخفي
السيد الاستاذ الديبلوماسي محمد سعد العودة ان روح افتتاحيته تستلزم منا ان
ننسى او نتناسى اخطر واقعة تعرضت لها الكويت في تاريخها القديم والحديث
والمستقبل وكأن الكويت هي التي غزت العراق وليس العكس.
واصطلاح »دول الضد« هو من اختراعات الاعلام ولانعرف مصدره تحديدا ولاذنب
للمواطن العادي وللقوى السياسية التي لها رأي في موقف »دول الضد« في استخدامه
لتعزيز وجهة نظر معينة على الرغم من ان هذا الاصطلاح قد توارى في اللغة
السياسية اليومية الى الزوايا البعيدة في الاستخدام اليومي, ولايثور الا بين
فترة واخرى عندما تهب اللواهيب الموجعة ذكرى الغزو العراقي الغاشم لدولة
الكويت التي لاينبغي ان تسقط من الذاكرة مادام في النفس روح تنبض.
السبب الثالث: ان القول بأن التمسك بمصطلح »دول الضد« من قبل البعض هو تغريب
للكويت عن محيطها الطبيعي وتحجيم دورها السياسي والاقتصادي ووضع العراقيل
أمام الديبلوماسية الكويتية وقدرتها على تحقيق الاهداف السياسية الخارجية
انما هو في حقيقته القول غير الصائب في مجمله, وهو قول ساقط المنطق جملة
وتفصيلا ومطلق على عواهنه ويساوي مع الاسف الشديد بين الجلاد المعتدي
والمناصرين له ظلما وعدوانا, وبين الضحايا والمناصرين لهم بمن فيهم المواطن
الكويتي المحترم الاستاذ محمد سعد العودة, لان المواطن العادي لم يستشعر حتى
هذه الساعة وبعد مرور 17 سنة على الغزو بأي تبدل حقيقي في مواقف هذه الدول
وقواها السياسية وقيادتها السياسية وشعوبها, ويضاف الى ذلك ان الوحدة
الحقيقية انما تكون دائما وابدا بين القيادة الحكيمة وبين عموم افراد الشعب
كما هو حال الشعب الكويتي وقيادته السياسية وليس الخوض في غمار الرومانسيات
والاحلام التي تكسرت تحت سنابك الغزو العراقي الغاشم بفرض الوحدة على شعوب
المنطقة بتحطيم كراماتها وبالظلم وبالسلب وبالنهب وبالغزو.
السبب الرابع: من الغريب جدا كما ورد في هذه الافتتاحية ان يعتبر الاستاذ
الديبلوماسي محمد سعد العودة السودان والاردن واليمن بالذات بالنسبة للكويت
والمنطقة الخليجية عمقا ستراتيجيا ولا نعرف ما هو مدلول العمق الستراتيجي في
نظر الاستاذ محمد سعد العودة?
فهل حقا يعتبر السودان والاردن واليمن كدول بالنسبة للكويت والكويتيين ولاهل
منطقة الخليج ولدول منطقة الخليج عمقا ستراتيجيا بكل ما تعني هذه »الكلمة« من
معنى والموضوع والامر لايحتاج الى مزيد من التعليق لانه يعلق على نفسه بنفسه
ولكن الحق يقال هذا تخريج لايمكن ان يصدقه مجنون فكيف يصدقه نصف المجنون او
نصف العاقل? وهل رجع حقا الاستاذ الديبلوماسي محمد سعد العودة الى ارشيف
التاريخ الذي لم يجف حبره بعد ومازالت اوراقه واحداثه وتداعياته في اطار
الرؤية والمعايشة وعلاقة هذه الدول بالذات كما وردت في الافتتاحية بموضوع
الغزو العراقي الغاشم وماهو موقفها بالذات من عملية القصاص من طاغية العصر
المجرم صدام حسين في 31/12/,2006 ومن قبل ما هو موقفها من عملية تحرير العراق
وما هي الاتهامات التي توجهها للكويت في إعلامها المسموع والمقروء وفي مؤسسات
المجتمع المدني لديها!?
السبب الخامس: صحيح انه ليس هناك عدو دائم او صديق دائم ولكن ذلك في عالم
السياسة, ولكن هناك دوما وابدا اخلاق قائمة ترتكز على المصالح الحقيقية
المشروعة وتؤسس بين الدول على منطلق الندية والاحترام المتبادل للوطن
وللمواطنين في التعامل, فلماذا يراد للكويت ان تكون في علاقاتها مع بعض الدول
العربية التي كان لها موقف مخز وشائن وخائن من عملية الغزو ورافضة للتحرير ان
تكون دوما وابدا كالبنك الحلوب في الحلب والصر. أما القول بأن اتخاذ موقف
الندية واحضار مصالح الكويت وكرامة الكويتيين لاسيما في مواجهة بعض الدول
واعتبار ذلك من الارث الجاهلي البغيض فهو تنظير قائم على فهم قاصر في
العلاقات الدولية القائمة على القوة المشروعة وحماية كرامة الدولة التي
لاتنفصل عن كرامة المواطنين فيها بأي حال من الاحوال.
اما الركض وراء سراب بقيعة في قضايا رومانسية فلم يجلب على الكويت والكويتيين
سوى الدمار والغزو وتداعياته واستحقاقاته فالعدو عدو وان تزيا بزي الصديق,
والمواطن لايلدغ من جحر مرتين, ومن موقف وغزو واستغلال لموارده المالية
وامواله العامة مرتين وصنع المعروف في غير اهله..!
ولكن الزعم بأن السودان واليمن والاردن يشكلون عمقا للكويت ومنطقة الخليج
فهذه كبيرة جدا في نظرنا ووايد »عودة« في نظرنا ايضا ارجو ان تعذرنا فاننا
لانستطيع ان نتقبلها بحال من الاحوال, لاسيما من شخص محترم في تاريخه ووطنيته
وعراقته وخبرته في العمل الديبلوماسي, فله رأيه ولنا رأينا وان قلت في
الافتتاحية إننا من الجاهلين.
بقلم د. يعقوب محمد حياتي
السياسه
تعليقات