حسن عبدالله عباس: لماذا تضايق العرب حين قلت أن المشكلة في الجهل العربي وليس في الخبث الفارسي؟

زاوية الكتاب

كتب 539 مشاهدات 0


الأخوة العربية والبغض الفارسي لماذا يتضايق العرب حينما تروى الوقائع وحقائق التاريخ؟ قلّب صفحات التاريخ وتصفح ما فيه من مخازي حلت بالعرب، صدّقني سترى أن أبطال هذه الجرائم والويلات كلهم من العرب. لا أدري لِم تضايق الكثيرون عندما قُلت في مقال «فتنة كيهان» إن «أخوتنا العربية» هي السبب في تقهقرنا. سأبدأ من التاريخ الحاضر وأعود رويداً إلى الماضي، ولتكن نقطة الانطلاق من العراق. تمعن جيداً في الوضع العراقي، ما الذي تلاحظه؟ القتل البربري الوحشي هو مُجمل الصورة العراقية، هذه الصورة نُقشت ورُسمت بأيد ومعدات وألوان عربية خالصة. فنقلاً عن «الوطن» السعودية (16 يوليو)، غالبية المقاتلين والانتحاريين هناك ينتمون إلى إحدى الدول القريبة منا، وتقسمهم «الواشنطن بوست» إلى 45 في المئة من الدولة إياها، مقابل 15 في المئة من سورية ولبنان و10 في المئة من شمال أفريقيا. والحال ليس بأحسن منه في فلسطين، فالتناحر بين «الأخوة العرب» مازال قائماً حتى أصبحنا نتملك فلسطينين بدلاً من واحدة. أعلم أن البعض سيستشكل بالقول إن الإيرانيين هم نافثو الفتنة بين الأخوة العرب، ولكنها بصراحة مقولة ساذجة للغاية لأن الجميع يلعب بما بيده من أوراق. فإن كان الفريق الأول يستقوي بالأميركيين والإسرائيليين، فلِم لا يستقوي الثاني بالإيرانيين؟ الجزائر مثال آخر على التناحر العربي، فالحرب الأهلية التي انطلقت بعد الانقلاب على نتائج انتخابات الرئاسة والتي فازت بها «جبهة الإنقاذ» في العام 1992، حصدت هذه الحرب وإلى اليوم أكثر من 110 ألاف مدني جزائري «عربي». وإن كنت مازلت غير مقتنع بالواقع العربي، دعني أرشدك إلى أحداث سبقت ظهور الجمهورية الإيرانية بأعوام. يقول يوسف إبراهيم من صحيفة «الاتحاد» الإماراتية إن الحرب الأهلية اللبنانية امتدت 15 عاماً وقتلت قرابة مئتي ألف لبناني «عربي». أو لعلك مازلت تذكر حادثة «أيلول الأسود»، فما حصل في بداية شهر يونيو 1970 أنه ظهرت بوادر العنف بين الفلسطينيين والجيش الأردني، وتطورت الأحوال بعد ذلك في سبتمبر من العام نفسه، حينما عهد الملك الراحل حسين رئاسة الحكومة إلى الجنرال الفلسطيني محمد داود ليضع 55 ألف عسكري أردني مقابل 40 ألف مقاتل من المقاومة الفلسطينية في اقتتال «أخوي» دام عشرة أيام. ويُقدّر أحمد جبريل ( الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) ضحايا عنف الأيام العشرة بخمسة آلاف «عربي». الأمر ليس دفاعاً عن أحد، فكل ما في الأمر أن الواقع العربي مُر، ومعرفتنا السياسية مليئة بالتناقضات. ففي الوقت الذي نرضى بأن يهرول الأميركيون آلاف الأميال لمصلحتهم، نحرم ذلك على أهل المنطقة. بصراحة المشكلة ليست بالخُبث الفارسي ولكن بالجهل العربي. في الختام عندي ملاحظتان: الأولى أن الكل يهرول وراء مصلحته بمن فيهم الإيرانيون، وأما الثانية فكل قومية في هذا الكون الفسيح تراها متحدة، إلا العرب تراهم دولاً وشعوباً شتى لأن العيب من الداخل لا الخارج.
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك