«الياء» سبب الانتكاسة.. بقلم عدنان فرزات

زاوية الكتاب

كتب 330 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

«الياء» سبب الانتكاسة

عدنان فرزات

 

عشت يوماً وأكثر من القلق الأقرب الى الهلع، بسبب «فاعل خير» تبرع بإرسال رسالة إلى أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين يخبره فيها أن هناك خطأ إملائياً في مجلة البيان الصادرة عن الرابطة، قد يتسبب في انتكاسة الفكر العربي، والأدب أيضاً.

وكوني سكرتير تحرير المجلة، فقد بدأت بتقريع نفسي، فكيف أتسبب بتراجع الفكر العربي، وهل إذا لبست نظارة سوف تنتهي مأساة الفكر، وهل سيتهم التاريخ هذا الخطأ بأنه السبب في هزيمة العرب، كما اتهم وردة الجزائرية بأنها السبب في نكسة الـ67؟

هرولت إلى المجلة لأرى هذا الخطأ الإملائي الانهزامي العميل المتواطئ مع القوى الامبريالية في انحطاط الفكر العربي، فوجدت أن ما أسماه «فاعل الخير» خطأ إملائياً ما هو إلا خطأ مطبعي تمثل في سقوط حرف الياء من كلمة «بريشة»، وليس في سقوط الفكر العربي، فظهرت الكلمة «برشة»، لأن حتى الأمي يعرف الريشة. فترك فاعل الخير كل أسباب الانحطاط والتخلف وأمسك بـ «يائي».

لم يفرق «فاعل الخير» بين الخطأ الإملائي والخطأ المطبعي، والأخير وارد، فهناك كتب فكرية مرموقة فيها أخطاء مطبعية، وتخطئ في موقع حرف نفسه، فيختلط الأمر لديها بين «التفكير والتكفير». فهذه الياء ليست قليلة، فهي مسك ختام الأبجدية، وتستخدم كمثال على اكتمال الأمر حين تقول: «من الألف إلى الياء». كما أن الأغنيات المؤثرة عاطفياً تبدأ بها مثل «يا حبيبي» و«يا ليل يا عين»، و«يا ظالمني».

من طرائف الأخطاء المطبعية ونوادر الردود عليها، أنني كنت يوماً أعمل في صحيفة الكويت الدولي، وحدث أن تكرر بالخطأ نشر مقال في عددين متتاليين، لكون الصحيفة كانت دولية وتطبع في أكثر من دولة، فقام فاعل خير أيضاً بإبلاغ مسؤول في الصحيفة، والذي رد على فاعل الخير بقوله: «نعم نحن أعدنا نشره بناء على طلب القراء».

وفي صحيفة أخرى، وقع خطأ في تاريخ العدد، حيث نشرت الصحيفة تاريخ الأمس بدلاً من تاريخ اليوم الصادرة فيه الصحيفة، فرد القائمون على الصحيفة على فاعل الخير: «ليت هذا الخطأ يتحقق، ويعود بنا الزمن يوماً إلى الوراء».

لو نشرت رسالة فاعل الخير التي أرسلها إلى الزميل الرميضي لظنها القارئ بياناً عسكرياً إيذاناً بقرع طبول الحرب، وقد أرسلها على «الواتس أب»، وأطالب صاحب الرسالة أن يعرّب كلمة الواتس أب قبل أن يستخدمه، لأنه مفردة أجنبية، وكان من الأجدر به ألا يستخدمه قبل تعريبه، أو أن يرسل رسالته بالحمام الزاجل.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك