الأمر وصل بالحكومة إلى درجة مزرية من الاستهانة بالشعب.. كما يرى حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 412 مشاهدات 0

د. حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى- هل وصل المواطن إلى درجة... «الطرارة»؟

د. حمد العصيدان

 

عكست نتيجة الاجتماع النيابي - الحكومي الذي عقد الأربعاء الماضي، وأسفر عن منح كل مواطن يحمل «ليسن» 75 ليتر بنزين شهرياً، لمواجهة تداعيات قرار رفع سعر البنزين، عكست النتيجة الحال الذي وصل إليه المواطن من الهوان عند الحكومة، وبعض نواب مجلس الأمة، الذين باركوا القرار وصفقوا لانتصارهم للشعب ووقوفهم إلى جانبه في القضية.

ففي حسبة بسيطة، نجد أن ما سيحصل عليه صاحب الليسن شهرياً، من منحه الـ 75 ليتراً، هو 7 دنانير و800 فلس، هي قيمة الكمية من البنزين الخصوصي الأكثر استعمالاً بين المواطنين، وهي قيمة «تفويلة» واحدة لسيارته من محطة البنزين. فهل وصل الحال بالمواطن لأن «يطر» من حكومته قيمة «تفويلة» تعينه على مصروف بقية الشهر من الوقود؟ وهل يعتبر بعض النواب أن هذه التفويلة انتصار للشعب؟

لا شك أن الأمر وصل بالحكومة إلى درجة مزرية من الاستهانة بالشعب، وهي تقوم بهذه الخطوة بمباركة مجلس الأمة. فهي قد أمنت الحساب لتنطلق في سياستها التقشفية على حساب المواطن البسيط الذي لا يجد له ظهراً. وحتى مجلس الأمة، الذي كان يلجأ إليه ليحميه من الحكومة، وجده ـ أو وجد أكثر نوابه ـ يصفق للحكومة على «تكرّمها» بالمنحة الكبيرة على المواطنين.

بل إن ما نقل من مجلس الامة وقت الاجتماع النيابي - الحكومي كان معيباً، حيث تسابق أكثر من نائب عند انتهاء الاجتماع على منصة التصريحات ليزف البشرى للمواطنين بالليترات الـ 75 التي اكتشف في ما بعد أنها «خدعة كبرى»، فحاول بعضهم التراجع عن اندفاعه، فلم يفلح في تغيير الصورة التي وصلت للناس عنه، فيما آثر بعض المندفعين الصمت، منتظراً ما ستسفر عنه الأمور في ظل تصعيد من قبل نواب أعلنوا رفضهم لما خرج به الاجتماع وبدأ الإعداد لصحف استجواب متعددة، والهدف واحد: وزير النفط.

وحتى موضوع التهديدات بالاستجوابات، يدخل في إطار تسجيل مواقف سياسية أمام الناخبين، تحسباً للمقبل من الأيام التي تحمل في طياتها انتخابات جديدة لمجلس الأمة، بل أكثر من ذلك...

مراقبون يقرأون في التصعيد الذي نعيشه حالياً تمهيداً لافتتاح دور الانعقاد الأخير للمجلس، محاولات من أطراف معروفة للدفع نحو حل مجلس الأمة قبل انتهاء فصله التشريعي، ليكون ذلك انتصاراً لبعضهم، باعتبار أنهم أرادوا محاسبة الحكومة التي سارعت لإعلان «عدم التعاون» هرباً من المساءلة السياسية، وفي ذلك يعود دعاة التصعيد أبطالاً إلى ساحات المقرات الانتخابية، يخاطبون ناخبيهم بأنهم رفضوا إهانة الحكومة لهم في موضوع البنزين، وعندما أرادوا مساءلتها ومحاسبتها على ذلك هربت نحو حل المجلس، على اعتبار ان ذلك سيحصل ـ كما يتوقع المراقبون ـ في ضوء التصعيد الذي نعيشه هذه الأيام من تهديدات كثيرة تأتي من أكثر من جهة.

وفي كل الأحوال، يبقى الخاسر الأكبر في المعادلة كلها، المواطن الذي تمّ بيعه على طاولة المساومات الحكومية، وترك عرضة لتداعيات كثيرة في ضوء تحرير سعر البنزين، الذي يتوقع أن يشهد ارتفاعاً جديداً خلال 3 أشهر في ضوء أسعار النفط من خلال اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء لتراجع الأسعار دورياً.

فكم كان الثمن بخساً أن يباع المواطن بسبعة دنانير و800 فلس، مقابل إطلاق يد الحكومة في التحكم بأسعار الوقود وتحديدها، وفق ما تريد مستندة إلى أسعار النفط؟ وبالتأكيد سيخرج علينا الوزراء المعنيون بالقضية بعد كل رفع للسعر، ليقولون إن «سعر البنزين في الكويت - رغم رفع سعره - يبقى الأرخص بين دول الخليج»... هذه العبارة المخدرة التي لم تعد تنطلي على أحد الأهداف التي تقف وراءها.

***

في سياق التقشف الحكومي نفسه، اتخذ مجلس الخدمة المدنية قراراً بخفض بدل الإيجار للمعلمين الوافدين من 150 إلى 60 ديناراً، ليضاف ذلك إلى ما انعكس عليهم جراء رفع سعر البنزين، وليعيشوا حالة من الضيق مع الوضع العام في الكويت، وهو قرار أكد وزير التربية كما صرح لـ«الراي»، أن الوزارة لا علاقة لها به، مشدداً على أن القرار سيكون له انعكاس سلبي على أداء المعلمين في المدارس.

إذن فالقرار سينعكس سلباً على الواقع التعليمي، كما اعترف الوزير، فكيف يتخذ القرار بسرعة ومن دون دراسة تداعياته، ومن دون استشارة وزارة التربية المعني الأول بالأمر؟

ثم إن قيمة التوفير التي ذكرها وكيل الوزارة المساعد للشؤون المالية التي تبلغ 24 مليون دينار سنوياً، وهي قيمة قليلة في المقياس الحكومي يمكن توفير أضعافها إذا ما عملت الحكومة على ترشيد الهدر في جوانب كثيرة من الصرف، أو أوقفت الأوامر التغييرية والترسيات المليارية في المناقصات الكبرى. فهل من مدّكر؟!

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك