التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال قلبت حياتنا الى متناقضات.. هكذا يرى ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب أكتوبر 12, 2016, 12:33 ص 1468 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية-اتصال بلا تواصل!
ناصر المطيري
التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال قلبت حياتنا الى متناقضات بكل تفاصيلها فهي بقدر ماقربت الصور باعدت بين الأشخاص وبقدر ما جمعت الأحبة في كل مكان فرقت القلوب في مكان واحد. أصبح العالم عند أطراف أصابعنا نكشف تفاصيله ونتفاعل مع أحداثه من خلال شاشاتنا الصغيرة، وأصبحت تلك الشاشات هي سجننا الكبير.
أصبحنا مدمنين تائهين في ثنايا الشبكة العنكبوتية نجوب أقطار الدنيا بأسرع من الصواريخ والطائرات، فرحنا بسرعة الوصول ولكننا لم نصل، أذهلتنا سرعة الاتصال لكننا لم نتصل، اختزلنا مشاعرنا في نص الكتروني وأبوّتنا في تغريدة وأمومتنا في صورة، طهونا الطعام ليس لنأكله بل لنأخذ له صورة في مظاهر من الباهات والبطر الفارغ.
تجمعنا المجالس تحت سقف واحد وتفرقنا الأحاسيس الاجتماعية، نسجل اللحظات ولا نعيشها، كنا نبحث عن المعلومات في رفوف المكتبات وأصبحنا نحمل مكتباتنا في جيوبنا ولكن القليل هم من يقرأون، اهتممنا بتوسيع ذاكرة أجهزتنا ونسينا ذاكرتنا الشخصية، لم نعد ننظر بأعين أبنائنا فبحثوا عن آخرين يشاركونهم يحدثونهم ويلعبون معهم.. علاقاتنا الاجتماعية ضعفت وروابطنا الأسرية صارت هشة، لأن تواصلنا الانساني أصبح عاما بصيغة معلبة يأتي برسالة الكترونية باردة بتحديد الجميع دون قصد شخص بعينه، فذهبت حرارة التواصل وشوق الاتصال.. معاركنا الشخصية وصراعاتنا السياسية والدينية تدار من مواقع التواصل الاجتماعي بسلاح الكلمات واللكمات اللفظية، حروب طائفية ومشاعر عنصرية وتباغض وشقاق وتنابز بالألقاب كلها نفايات ومخلفات تتراكم على جوانب وسائل الاتصال والتواصل التقني.. وسوف نبقى ندفع ضريبة سرعة الاتصال بضيق نطاق التواصل.
هل هي سكرة تتبعها فكرة، هل نحن ذاهلون ولا ندري الى أين ذاهبون؟ رحلتنا التقنية بلا محطات توقف، السرعة تزداد باتجاه المجهول، ونعجز عن التقاط أنفاسنا لنلتفت لأنفسنا ونشعر بوجود من حولنا، علينا أن نصحو من هذه السكرة وموجة التسارع الالكتروني الرهيبة ونقترب مع من حولنا، وقبل ذلك نقترب من أنفسنا، علينا أن نتبادل المصافحة الروحية والسلام بدلا من «تم الاستلام»! قبل أن يتحول عالمنا الى عالم افتراضي يغيب فيه الواقع وتتلاشى المشاعر وتذوب العلاقات الانسانية.
تعليقات