من يدرس الواقع العربي يجد ان الذي يوجه الكثير من الحركات الشعبية العربية هو التوجه الديني المتشدد.. كما يرى عبد المحسن جمال

زاوية الكتاب

كتب 356 مشاهدات 0

عبد المحسن جمال

القبس

رأي وموقف- حق الاعتقاد حق إنساني

عبد المحسن جمال

 

العالم كله يتابع هذه الايام ما يحدث في العالم العربي، حيث لا حروب في العالم الا فيه.

فالعالم بشكل عام، ومنذ عدة سنوات، يجنح دائما الى السلام، بينما يتجه العرب الى حل مشاكلهم بالعنف.

اليوم الحلول المسلحة لمشاكل عربية تجدها في اكثر من مكان في عالمنا العربي.

فهل لذلك سبب محدد؟

من يدرس الواقع العربي يجد ان الذي يوجه الكثير من الحركات الشعبية العربية هو التوجه الديني وفق رؤية دينية متشددة وضيقة لا تمثل الاسلام المتسامح، بل تمثل فهماً ضيقاً جداً منه، يقوم على تكفير الآخر، كل الآخر من كل البشر، بمن فيهم المسلمون.

ومن يدرس عقائد هذه الحركات، التي اجمع العالم على اعتبارها حركات ضد البشرية، وصنفتها الامم المتحدة بالارهابية، واعتبرها المسلمون خارجة عن الفهم الاسلامي الصحيح، يجدها بعيدة عن روح التسامح. ولكن ومع مرور الزمن لقيت هذه الحركات من يحتضنها ويضفي عليها الشرعية، ويمولها كمحاولة لتكون فهماً رسمياً للاسلام.

ومن يتابع نمو هذه الحركات التكفيرية يجد أنها بدأت من قضايا جدلية بسيطة، ثم تطورت الى تكفير الآخرين، وإباحة قتلهم بحجة انهم كفار.

لذا علينا ان نحذر من بعض التصرفات البسيطة، وألا نسكت عليها، لأنها ستنمو وتصبح ظاهرة لا يمكن ايقافها بسهولة بعد ذلك. فحين تخشى «الدولة» من اقامة شجرة الميلاد البلاستيكية وتتجاوب مع الفكر المتشدد وتتناغم معه بازالتها، فان هذا سيشجعهم لخطوات اخرى الى ان تتبنى «الدولة» فكرهم بتكفير الآخر، ويصبح منهجا لكليهما!

وهنا تحضرني قصة عمدة مدينة نيويورك الاميركية رودي جولياني، حين تسلّم ادارة المدينة، وكانت الاولى في حوادث الاجرام. فبدأ بمعاقبة الشباب الصغار الذين يكتبون على الجسور والحيطان عقابا صارما، واستمر بذلك مع احتجاج الناس. وبعد فترة نزلت نسبة الجرائم في المدينة. فتبين للناس انه سلك اسلوبا شديدا بمعاقبة المخالفين للامور البسيطة، فخاف المجرمون الكبار من انه سيعاقبهم بعقوبات اكبر، فكفوا عن ارتكاب جرائمهم.

وهنا علينا ألا نتجاوب مع طلبات من يكفر الآخر، ويمنعه من استخدام مظاهر الفرح، ويعبر عنه بطريقة قانونية، والا فان «الدولة» ستتبنّى بطريقة او بأخرى فكر هؤلاء، وستقوم بتقويتهم ليصبحوا بعد ذلك وسيلة لظهور متشددين جدد لم يكن يعرفهم المجتمع الكويتي في تاريخه كله. فالنار من مستصغر الشرر كما قال الاولون.

فالكويت منذ قيامها كانت متسامحة مع الجميع، وهذا ما انعكس في دستورها المرن الذي يطالب «الدولة» بحماية حرية الاعتقاد للناس كافة، وليس للكويتيين فحسب، وهذا فهم انساني واسلامي متطور لا يستوعبه خوارج التاريخ، ولا يقبله خوارج هذا الزمان.

اتمنى على الكويتيين ان يزوروا القرية العالمية في دبي، والتي تمثل تقاليد العالم اجمع، حتى نعرف كيف تحترم شعوب الارض من قبلنا نحن الخليجيين، وكيف نحترم معتقداتهم وحياتهم، بدلا من الاستسلام غير المبرر لفئات تكره الفرح لنفسها وللآخرين، مع انهم اقلية لا يشكلون شيئاً في مجتمعنا الكويتي الصغير، فما بالك بالمجتمع الانساني الكبير.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك