نحن بحاجة لتجديد الخطاب الديني والسلوك الديني السياسي.. كما يرى محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 529 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- إسلامية أم مدنية..؟!

محمد السداني

 

في ظل الصراع المحتدم الذي تشهده القوى الفكرية في المنطقة وخصوصاً ما يتعلق بنزاع الحركات الإسلامية والمدنية المتحررة، نجد أنفسنا حائرين بين أي الطريقين أفضل لبناء دولة عصرية تواكب المتغيرات المتسارعة، فدعاة الفكر الإسلامي يعتمدون على تسويقهم لدولتهم الموعودة بتاريخ حافل بالإنجازات من عواصم عدة تبدأ من دمشق وبغداد والقيروان وصولاً للأندلس يسوقون لفكرهم عن طريق الأفكار التي بنى بها المسلمون الأوائل دولهم وقارعوا بها أعظم الإمبراطوريات.

أما فريق الدولة المدنية فتسويقه لها أسهل بكثير، فيكفي أن يشير أحد مؤيديها إلى دولة أوروبية مثل فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو أن يشير إلى أميركا قائدة العالم الحديث، فهذه الدول تعد مثالاً أعلى للحريات وللنهضة والتطور لما تشهده من تسارع منقطع النظير في شتى مجالات التقدم.

والسائل هنا يحتار في الاختيار بين هذين النموذجين اللذين يعدان على أرض الواقع سُبلاً واقعية ومجربة لإدارة الدولة! ولكني أرى نظرة مختلفة بعض الشيء للنموذجين، فالنموذج الإسلامي وإن كان يحمل إرثاً عظيماً جعل من دولتهم أعظم دولة في التاريخ إلا أنَّ هذه القوة وهذه العظمة جاءت بعدما فَهم المسلمون أسس بناء الدولة فكان العدل أساسها وكان الاتحاد عاملها وكان التنازع في تقدم الدولة لا عليها فضلاً عن أن الدولة كانت تسع الجميع باختلاف أفكارهم ومشاربهم، فهي ليست دولة للمسلمين وإنما دولة تسع الجميع ما داموا يلتزمون بقوانينها وأعرافها.

أما الدولة المدنية في صورتها المنشودة التي يسعى كثير من شركائنا في الوطن أن تكون الكويت أحد أشكالها، نجدها لا تختلف عن دولة المسلمين الأوائل إلا في النزر القليل، فدعائم المدنية الحرية التي لا تقيد فرداً إلا بقانون، فكلتا الدولتين بها قيد إما إلهي أو وضعي، فيكمن الاختلاف في أي السلطتين تحكم سلطة القيد الإنساني الذي اتفق عليه واضعو القوانين أم سلطة الدين الذي فـُسر على أيدي مشايخ الدين، الأمر في الحالتين متروك بالخيار لمن أراد هذه أو تلك، لكنَّ الأزمة التي نعيشها أن المدرسة الدينية وللأسف جعلت نفسها قيِّما أخلاقيا على الناس فبدلاً من أن تنشئ جيلاً مؤمناً بأفكارها اقتناعاً واستيعاباً وتطبيقاً نجدها تفرض آراءها مجتمعياً وكأنَّنا نعيش في عهد الرشيد أو المأمون!. لم يستوعب أصحاب الدولة الإسلامية أنَّ الدولة لا تقام غصباً على عقول الناس وعلى أفكارهم، وإنما تقام الدولة حينما يؤمن أهلها بأفكارها ويطبقونها حينها فقط ستقام دولتهم دون إعلان، أما أن تأتي فتفرض كل ما تؤمن به على أناس لا يعرفون من دولتك إلا اسمها فأنت مثل الذي يطعم رضيعاً رغيف خبز فلا الخبز طعامه ولا الرضيع أكل.

ومثلهم مثل دعاة المدنية الذين لا يرون من دولتهم إلا حرياتهم المسلوبة من التيار الديني، فيعزون كل نكوص لدولتهم بسبب التيارات الدينية التي يدعون تخلفها، ومع أنَّ الحريات جزء صغير من دولتهم إلا أنهم جعلوها حائط مبكى يلجؤون إليها كلما جنَّ عليهم ظلم أو تحجيم، فلا دولة عندهم دون حريات، وكأنها مفتاحٌ سحري لدولتهم الموعودة!

خارج النص: شَكَّل مجلس الأمة لجنة للظواهر السلبية، وكان عذر النواب أنَّ اللجنة تناقش الظواهر السلبية مثل المخدرات والجنس الثالث والنوادي المختلطة، وكأنَّنا انتهينا من جميع مشاكلنا في المجتمع لنناقش مثل هذه الظواهر التي تختلف في توصيفها من شخص لآخر، مع مرور الأيام يتضح جلياً أننا بحاجة لتجديد الخطاب الديني والسلوك الديني السياسي.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك