القتل يحاصر العرب اليوم في المساجد والكنائس والمطاعم.. كما يرى عدنان فرزات
زاوية الكتابكتب يناير 5, 2017, 11:49 م 502 مشاهدات 0
القبس
هذه هي الزاوية الضيقة بعينها
عدنان فرزات
تناسى الجمهور العربي قضية العمل الإرهابي الذي وقع أخيراً في إسطنبول، وانشغلوا عنه بالسؤال: «هل المكان الذي حصل فيه التفجير هو ملهى ليلي أم مطعم؟».
لم يعد يهمنا أن يكون هذا العمل دموياً وأزهق أرواحاً لا علاقة لها بالصراعات الدائرة، فهذه الأرواح لم يكن أصحابها في اجتماع عسكري، ولم يلتقوا لأجل تحديد مكان الضربة الجوية التالية وفوق رؤوس مَن سوف تسقط القذائف، على الأقل كانوا في مكان لا يؤذي أحداً. لكننا تركنا كل هذه الفرضيات الحسنة إنسانياً، وبدأنا ننبش في سخافات مؤذية لمشاعر الناس.
في بداية الأمر، حين قالت وسائل الإعلام إن إطلاق النار حدث في ملهى ليلي، وإن هناك عرباً من بين الضحايا، كتبتُ على صفحتي في الفيسبوك: «يذهب العرب إلى المسجد فيتم تفجيرهم، ويذهبون إلى كنيسة فيتم تفجيرهم، ويذهبون إلى ملهى فيُقتلون». ولكن حين أوضحت بعض وسائل الإعلام أن المكان مطعم شهير وليس ملهى ليلياً، قمت بحذف البوست رغم وجود أكثر من 300 لايك وتعليق عليه، حرصاً على المصداقية، وخشية أن أضع الضحايا العرب في دائرة الريبة، رغم أن الأمر في النهاية حرية شخصية لا أحد يحاسب عليها غير الله عز وجل، ثم ان الذي قام بإطلاق النار لم يكن غرضه محاسبة الناس أين يجلسون، بل هي تصفية خلافات سياسية وانتقامات دفع الأبرياء ثمنها. ثم تبين أن المكان هو مطعم شهير ولكن فيه ملحقات أخرى، أي كل قسم منفصل عن الآخر، فالذي يجلس في المطعم لا يعني أنه يجلس في النادي الليلي الملحق بالمطعم بمكان آخر.
كل هذا «بصوب»، وإحدى الفرضيات الغريبة التي ظهرت «بصوب ثاني»، فقد ظهر مقطع فيديو لشخص يحلل المسألة على طريقة «خبراء» التحليل السياسي والعسكري في الفضائيات، فيقول الرجل إن الذي أطلق النار لم يكن من داعش، بل المسألة تتعلّق بمافيات تركية أرادت التخلص من شخص ما، فاتبعت طريقة للتمويه، فقتلت «كم» واحد معه كي لا يُكتشف الأمر..!
هذه الأهداف سهلة، بإمكان أي أحد حتى، وإن لم يكن يتبع تنظيماً، أن يُشهر سلاحه ويطلق النار عشوائياً في كل اتجاه، حتى ان جان بول سارتر تناول مرة في إحدى قصصه شخصية مريضة نفسياً بلا اعتبارات سياسية أو إرهابية، ينزل فجأة إلى الشارع ويفتح النار على المارة.
القتل يحاصر العرب اليوم في المساجد والكنائس والمطاعم، فأين نذهب؟!
تعليقات