لا لوم على الطالب الذي لا يملك دافعية للتعليم لأنّه يرى المجتمع يضع أقل الناس تعليماً في أعلى المراتب.. برأي محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 449 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- سَلِّم على مِحسِن

محمد السداني

 

خلال سير لجنة الاختبارات للصف الثاني عشر والذي يعد نهاية سلم التعليم العام، صعقت عندما قال أحد الطلاب: أستاذ هذا السؤال صعب، فقلت له: أي سؤال يا ابني فقال «شنو يعني استخرج مِحسن لفظي؟ فدوَّت كلمة «مِحسن»بكسر الميم سمعي وكل أحاسيسي التي صعقت من طالب في نهاية مرحلة التعليم العام وهو لا يعرف كيف ينطق كلمة (مُحَسِّن)، وعندما نبهته عن الخطأ قال لي: أستاذ ليس مهماً الآن الخطأ المهم أن اجتاز هذه المرحلة، وهذا لسان حال كثير ممن يجلسون بجانبه أو يدرسون في نفس مرحلته التعليمية.

إنَّ الأمر يتعدى مسألة اللحن في النطق، وعدم معرفة المحسنات البديعية في اللغة فالتعليم أصبح جسراً للوظيفة لا المعرفة، وصارت الشهادة الدراسية سبيلاً للتصنيف الاجتماعي والطبقي في الدولة بما تحمله من تصنيفات تفرق بين الفرد والآخر، وهذا التصنيف ليس بما يحمله المرء من علم يقابل شهادته بل بما يحمله من اسم رنان وتخصص من جامعة يشهد لها الكثير أنها من جامعات النخبة، وهذا الأمر أُصِّلَ في الكويت بسبب ممارسات التعيين (بالباراشوت) وعدم احترام التخصصات، فتجد مديراً في مجال البيئة متخصصاً في الإدارة، ومهندساً كهربائياً مديراً لمركز تطوير التعليم، وغيرهم الكثير من الشخصيات التي جعلت النظام «الباراشوتي» هو النظام الأسرع والأفضل للتعيين، وأما الشهادة فهي لذر الرماد في العيون لكي لا يقال إنَّ صاحب المنصب لا يمتلك شهادة، مع أنَّ من يتوسط لوكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات وغيرهم من أصحاب المناصب العليا قد يكون مؤهله التعليمي – يقرأ ويكتب-.

إنَّ عدم احترام التخصص في هذا البلد أدى بنا إلى فوضى في جميع المجالات، لأنَّ؛ أي مسؤول سوف يكون قادراً على إدارة وزارته ومؤسسته بالاستعانة بجيش من المستشارين يجيب عن أي سؤال يخطر بباله بالجملة الشهيرة- بُص حضرتك- وبعدها تبدأ العجلة بالسير على الطريق الذي يريده المسؤول لا الطريق الذي يجب أن يسلكه المسؤول.

لا ألقي اللوم على الطالب الذي لا يملك دافعية للتعليم أو الدراسة؛ لأنّه يرى المجتمع يضع أقل الناس تعليماً في أعلى المراتب، وأنَّ الوظائف العليا تُعطى لمن يحيط بالمسؤولين من مُطبلين ومصفقين، أما من يجتهد ويتعب ويدرس فأعظم الفرص سيجدها خارج حدود هذا الوطن لأنَّ؛ نجاحه ليس سبيلاً للمنصب أو قيادة وزارة أو مؤسسة في صلب تخصصه.

خارج النص:

لن أستغرب أبداً في يومٍ من الأيام إذا رأيت الطالب الذي سأل عن «مُحسن» لفظي في منصب قيادي كوكيل لوزارة أو حتى وزير، وسيكون الأمر عادياً، لأنني؛ في يوم من الأيام رأيت مسؤولاً يطلب من وزير الداخلية منع دخول مولانا جلال الدين الرومي المتوفى سنة 672هـ إلى الكويت ومع الأيام صار وزيراً، لا تيأس يا مُحسن فمصيرك الوزارة عاجلاً أم آجلاً.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك