يمكنك انتزاع الحرية من دون طلقة واحدة.. هكذا يرى عدنان فرزات

زاوية الكتاب

كتب 534 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

خسارة القهوة فيهم

عدنان فرزات

 

يمكنك انتزاع الحرية من دون طلقة واحدة في حال كنا أهلاً لها.

هذا ما توصلنا إليه من نتائج بعد تجربة مريرة وقعت فيها بعض الشعوب العربية في السنوات الأخيرة، التي دفعت الكثير من الدماء ولم تحصل على فسحة حرية، ولو بقدر بصمة الإبهام. والسبب أن الوجوه حين تتشابه فلا قيمة للخيارات، وقد تشابهت الكثير من وجوه الذين نادوا بالحرية مع الطغاة الذين ثاروا عليهم من حيث الاستبداد بالرأي والتهميش والإقصاء.

ربما ان الكثيرين اليوم يقولون ليس هذه هي الثمرة التي أردناها عندما زرع الشهداء شجرة الحرية وارتقوا إلى السماء لأجلها. ولو أن الشهداء عادوا اليوم إلى الحياة ورأوا بأعينهم النماذج التي استثمرت دماءهم لربما أخذوا شجرتهم معهم إلى الآخرة، وتركوا «المستبدين» الجدد تحت «فلقة» الجلاد، فكلاهما من بعض.

إذا كان «ثوار مول» قد ثاروا لأجل حرية الرأي وتقبل الرأي الآخر، فلماذا إذاً يصادرون آراء غيرهم ويرفضون قبول النقد؟!

ومثل هؤلاء أصحاب بعض الصحف التي تصدر في الغرب بحجة أن مساحة الحرية تضيق عليهم في الوطن العربي. ولن أتكلم من فراغ، سوف آتي بهذا المثال البسيط في شكله، العميق في مضمونه. فقبل أيام طلب مني أحد الصحافيين أن أشارك برأيي في تحقيق صحافي عن الراحل صادق جلال العظم. فقلت له ربما لن تنشر صحيفتك رأيي، فأجابني بأن لديهم مساحة واسعة من الحرية وتقبل الرأي الآخر، فشعرت بالزهو أننا أصبحنا أخيراً نقدر حرية الرأي، وقلت في نفسي: معها حق هذه الصحيفة تصدر في دولة أجنبية لتعلم العرب الحرية من الخارج، خصوصاً أن مؤسسها رجل سبحان «الباري» عز وجل عليه، لا يترك قناة فضائية إلا ويهاجم فيها طغاة الرأي وتنتفخ أوداجه وتجحظ عيناه – وهو ينادي بالحرية – كحبتي «عطون»، وهو نوع من أنواع الزيتون الأسود.

وجلست أكتب رأيي فقلت لا شك أنني أحترم الراحل صادق جلال العظم، ولكنني لا أجد أنه قدم شيئا مستقلاً به على صعيد الفكر، فهو أعاد إلينا إنتاج نظريات موجودة سابقاً مثل الماركسية وغيرها، دون أن يكون له فكره المستقل الذي يرقى إلى مسمى «نظرية»، فما قدمه هو وجهات نظر وليس نظريات.

أظن أن حرية الرأي هذه هي التي كان يطالب بها العظم نفسه، ولكن فاجأني الصحافي المغلوب على أمره، بأن رأيي تم استبعاده.

المشكلة أنني خسرت أربعة فناجين قهوة حين جلست للكتابة، بينما هم خسروا مصداقيتهم.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك